الطاقة.. متطلبات ما قبل التحرير

الطاقة.. متطلبات ما قبل التحرير
الرابط المختصر

بما ان مسلسل ارتفاع اسعار المحروقات بدأ من جديد في السوق المحلية فإننا نتوقع من المسؤولين ان يركزوا في خطاباتهم الاعلامية كما جرت العادة على خططهم فيما يتعلق بتطوير مصادر بديلة للنفط, وعندها سيستعيدون نغمة التغني بالصخر الزيتي والطاقة النووية والرياح وغيرها من الطروحات التي تظهر وتختفي حسب اسعار النفط عالميا.

ليس باستطاعة الحكومة مواجهة ارتفاع اسعار النفط عالميا وامتصاص تداعياتها السلبية على معيشة المواطنين سوى بزيادة الدعم الرسمي لشبكة الامان الاجتماعي حتى توقف نزيف تآكل القوة الشرائية للدينار, الا ان الظرف المالي الصعب الذي تمر به الخزينة والاقتصاد الوطني المتمثل بعجز يقترب من المليار دولار ومديونية تتجاوز حاجز الـ 11 مليار دولار يجعلان من الصعوبة على الحكومة توفير مخصصات اضافية لمواجهة تداعيات الاسعار.

لعل الحل الوحيد والفاعل في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة لمواجهة كابوس الاسعار هو السير قدما في مشروع تحرير قطاع الطاقة واعادة هيكلته وفق مبدأ التنافسية من خلال ايجاد لاعبين جدد في القطاع.

التصريحات الاخيرة لوزير الطاقة تبعث على الطمأنينة فيما يتعلق بهذا الشأن, فقريبا سيتم الاعلان عن الجهات الاستثمارية الفائزة بعطاء تأسيس اربع شركات جديدة في قطاع الطاقة, وبالتالي سيكون بإمكان المواطن الاختيار والمفاضلة بين المشتقات النفطية التي ستكون متاحة في السوق المحلية.

لا شك ان المواطن يتحمل تكلفة عالية مقابل شراء احتياجاته من المحروقات, ويعود ذلك لعدة اسباب ابرزها تكاليف التكرير الباهظة التي تتحملها المصفاة التي تعمل منذ اكثر من 50 عاما, والمعروف جيدا ان مفاوضات استقطاب شريك استراتيجي لتوسعة المصفاة ما زالت في مرحلة المباحثات وان كانت قد تأخرت كثيرا, لكن هذا لا يمنع من استمرار الحكومة في استكمال خطة اعادة هيكلة قطاع الطاقة وتحريره من التشوه والخلل السائدين فيه منذ عقود.

متطلبات المرحلة الراهنة والتجربة السابقة التي مر بها الاردن من تداعيات ازمة الاسعار, تقتضي السير من دون كلل لازالة التشوهات من القطاع وفتحه امام المنافسة الاستثمارية, لانه في النهاية ستكون الخدمة متاحة للمواطن بأسعار اقل مما تباع به من المصفاة اضافة الى الجودة العالية للمنتج, وفي هذا الصدد على الجميع من جهات رسمية وخاصة ان يضعوا امام اعينهم تصورا خاصا لوضع المصفاة ما بعد التحرير, ودورها الريادي في تحقيق الاستقرار للسوق وتأمين احتياجاته في أسوأ الظروف, اي ان تكون هناك افضلية وهذا حق للمصفاة فرضته سنين التجارب والخبرات المتراكمة.

ان دخول شركات جديدة لسوق المشتقات النفطية سيضع لاعبين جددا في السوق وسيوفر بدائل جديدة للمستوردين من جهة وتوفير المشتقات النفطية بأسعار مناسبة للمواطنين من جهة اخرى.

مع تلك المتطلبات - اعادة الهيكلة - تبقى الجهود الاردنية مفتوحة مع الجانب المصري لتأمين احتياجات المملكة من الغاز العربي وتنفيذ المرة الثانية منه من خلال مد شبكة الغاز الى التجمعات الصناعية ومن ثم السكنية, لانه في النهاية مهما ارتفعت اسعار النفط عالميا تبقى معدلات اسعار الغاز خاصة المصري اقل بكثير من المشتقات النفطية, ولهذا الموضوع اهمية كبرى اذا ما علمنا ان الاردن يستهلك نحو 40 بالمئة من اجمالي استطاعة خط الغاز العربي يستفاد منه في توليد حوالي 80 بالمئة من الكهرباء فيما تقدر حاجة المملكة من الغاز الطبيعي حتى عام 2017 حوالي 5ر1 مليون متر مكعب.

العرب اليوم

أضف تعليقك