الشعب يريد وزارة لمكافحة العنف العام!

الشعب يريد وزارة لمكافحة العنف العام!
الرابط المختصر

رغم تأييدي الشخصي لرشاقة حكومة د. عبدالله النسور الثانية، وتقليص عدد وزرائها إلى 18 وزيرا فقط؛ وكذلك فطنة دولته بإعادة استحداث وزارة التموين، واستكمال "الشق الثاني" لحقيبة "الخارجية" بإضافة ملف المغتربين لاسمها، إلا أنني أعتب على الرئيس عدم التفاته إلى ضرورة استحداث وزارة جديدة، أعتقد أنها مهمة وملحة، وتحتاجها المرحلة ربما أكثر من وزارة المياه، وهي وزارة لمكافحة العنف المجتمعي والجامعي!ففي الوقت الذي انشغل فيه الدكتور النسور، على مدى أسابيع، بإجراء مشاورات ماراثونية مع الكتل النيابية والقوى السياسية والنقابات حول تشكيل الحكومة العتيدة، والتي أُعلنت أول من أمس رسميا، كانت مناطق وجامعات عديدة في ربوع الوطن تشتعل بأحداث عنف جماعية واسعة، وصلت في بعضها إلى مستوى إطلاق النار وقتل رجال أمن وعسكريين، في عودة ساخنة لموجة العنف التي شهدت فترة "بيات" نسبية خلال موسم الانتخابات النيابية الأخيرة.

موجة العنف ما تزال تضرب بقوة في غير مكان ومحافظة وجامعة، وعلى خلفية أسباب غير سياسية في الغالب؛ كما هو الحال اليوم في الحسينية بمحافظة معان، وجامعتي مؤتة واليرموك.

وتشعر، وأنت تتابع اتساع وتشعب موجات وأحداث العنف العشائري والاجتماعي والطلابي، بتعاطف شديد مع قوات الدرك التي تحاول إطفاء هذه الحرائق دون كلل أو ملل، فيما يتوارى السياسيون في الخلف، على اعتبار أن ملف العنف هذا أمني فقط!ويكتمل مشهد العنف والفوضى، اجتماعيا وطلابيا، بعودة موجة الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات العمالية والنقابية والمهنية، والتي باتت تلف، هي أيضا، العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية، بما فيها العاملة في قطاعات حيوية.

هذا فضلا، طبعا، عن نشاط القوى السياسية المعارضة والحراك المطالب بالإصلاح، والذي يبدو الأقل عنفا وضررا وتوتيرا، مقارنة بما يحيط بالعنف المجتمعي والجامعي والاحتجاج العمالي والنقابي من أضرار وأخطار.فبعد كل ذلك، ألم يكن الأمر يستحق من الرئيس النسور استحداث حقيبة وزارية لمكافحة العنف! وليس مهما إن كانت وزارة سيادية أو غير سيادية، فقط وزارة يحملها وزير وازن مثلا.

فعلى الأقل، نكون حينها قد اعترفنا رسميا باستفحال ظاهرة العنف المجتمعي والطلابي، وسحبنا رأسنا من "تراب النعامة"، وتجاوزنا الخطاب المثالي عن مجتمع التراحم والتكافل والترابط، وهو الخطاب الذي لم يعد يغني أو يسمن من جوع!ربما كانت المشكلة الوحيدة في استحداث مثل هذه الوزارة، ليس الإنفاق عليها؛ إذ يمكن للأردنيين تحمل المزيد من الهدر في النفقات العامة! إنما المشكلة أن استحداثها سيعني اعترافا بفشل كل الجهود الوطنية والرسمية السابقة للتصدي لظاهرة العنف المجتمعي والجامعي، وأن قصة الاستراتيجيات والإجراءات والسياسات السابقة كانت كلها "سواليف حصيدة"!

السؤال الذي يؤرقني وأنا أتابع بملل تشكيلة الحكومة هو: ماذا يهمني إن كان لدينا وزير أشغال ونقل، فيما تُقطع وتُغلق الطرق الرئيسة والدولية ليل نهار، عبر موجات العنف التي لا تنتهي؟! وما حاجتنا إلى وزير مياه إن كان إضراب موظفي سلطة المياه، وما فرخته من شركات إدارة، كفيل بقطع المياه عن مدينة أو أحياء بكاملها؟! وما حاجتنا إلى وزير تعليم عال بعد أن باتت الجامعات، الرسمية والخاصة (ما شاء الله)، أماكن تفريخ خطيرة للعنف والانقسامات؟!

بصراحة، أتمنى أن يهدي الله الدكتور النسور، وأن يسارع إلى تدارك سقطة التشكيل الحكومي، بأن يجري تعديلا سريعا على حكومته الثانية، يستحدث من خلاله وزارة لمكافحة العنف العام، بل وأن يتسلم شاغل حقيبتها منصب نائب رئيس الوزراء أيضا. وسنسامحه، من جهتنا، على الخروج عن شروط الرشاقة والترشيد للحكومة!

الغد

أضف تعليقك