الشعب يريد الإصلاح .. ويستحقه أيضا

الشعب يريد الإصلاح .. ويستحقه أيضا
الرابط المختصر

نكتشف الآن أن كل ما كتبناه حول «الإصلاح» كان مجرد صراخ أو صياح، ونكتشف –أيضا- أن الآخرين الذين حذرونا من «مغبة» الاحتفاء بموجة التحولات التي اصابت عالمنا العربي قد انتصروا علينا حقا، فنحن تصورنا للوهلة الاولى ان الحكومة فهمت رسائل الناس، وانصتت لمطالبهم، وتنازلت بما يكفي لإقناعهم بأن «المركب» يسير في الاتجاه الصحيح، لكننا فوجئنا -هل فوجئنا حقا؟- بأن المركب ما زال في مكانه !

لا ادري لماذا حصل ذلك؟ ولماذا لا نزال ندور في «الحلقة» ذاتها؟ ولماذا لم نتعلم من دروس اللحظة التي داهمتنا؟ فقد مضى –مثلا- خمسة شهور على «مشروع» الاصلاح الذي اطلقناه، ووعدنا الناس به، لكن – للآن- لم نلمس اي جديد.

فاللجان لم تفرغ بعد من مهماتها، ومكافحة الفساد لم تسعدنا بخبر عن «فاسد» كبير احيل الى القضاء، وفزاعات مواجهة الإصلاح تتمدد وتبتدع كل يوم «لونا» جديدا، والأوضاع الاقتصادية «ترعب» الاردنيين على المستقبل القادم..

و»أمل» التغيير ما زال حلما محفوفا بالشكوك والمخاطر.

لا أريد أن أبدو متشائما، لكنني أخشى ما أخشاه أن نصطدم «بالحقائق» وان نعاند حركة التاريخ، وان نعتقد للحظة بأننا انجزنا المطلوب، فيما «اصوات» الناس التي استقالت من «هدوئها» تقول شيئا آخر، هل سمعناه حقا وهل فهمناه؟ وهل يمكن ان نستدرك ما نحن فيه للاجابة عليه بصراحة، والرد عليه بما يلزم من خطوات ومقررات وتحولات؟

آخر ما يخطر على البال، ان نكتب دفاعا عن مصالح ذاتية، او لمناكفة مسؤول هنا او هناك، او لتيئييس الناس من «الاصلاح»، معاذ الله، كيف نفعل ذلك؟ لكننا نشعر بأن بلدنا يستحق «الاصلاح» فعلا، وبأن من واجبنا ان «ندبّ» الصوت لتنبيه اخواننا – حيثما كانوا- بأن مصلحة بلدنا اليوم تقتضي الانتباه والحذر، كما تقتضي الخروج نهائيا من دوائر «الخطأ» ومقولات التجريب ودعاوى المماطلة والانتظار والرهان على الوقت.

يخطئ من يعتقد ان قطار «التغيير» انطلق وفات، او ان الناس اطمأنوا الى الكلام عن الاصلاح واكتفوا به، او ان «هدوء» الشارع يمكن مقايضته بإجراءات ومقررات عاجلة واستثنائية، ويخطىء من يظن بأن «اشواق» الناس الى التغيير والحرية والحقوق وتطلعاتهم لدولة مدنية ديمقراطية لا فساد فيها ولا انسداد قد»تبخرت» وانتهت.

ما زلنا بانتظار «حركة» فعلية لقطار الحكومة الذي تأخر، ولمنتجات الاصلاح الحقيقي التي لم تخرج من «مصانعها» بعد، ولمناخات الحرية الفاعلة التي تجعل المواطن مواطنا وانسانا جديدا، مثله مثل غيره من البشر، ما زلنا نراهن على ان ثمة ارادة سياسية لإطلاق مرحلة جديدة من «التحولات» السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومرحلة جديدة من الاحساس «بقيمة» الزمن وتقدير «خياراته» واضطرارية ومرحلة جديدة تخرجنا من دائرة الحديث الطويل حول «الملفات» العاجلة الى دائرة «الفعل» والبرهان والسلوك والانجاز.

ندرك –تماما- ان ثمة من يخاف من «الاصلاح» وثمة من يسنّ اسنانه لمواجهة كل «حركة» نحو «التغيير» وثمة من يتصور ان مجتمعنا ما زال غير ناضج وغير مستعد لهذه المرحلة الجديدة واستحقاقاتها، لكننا ندرك ايضا ان الاردنيين –معظمهم- يقفون وراء هذا المشروع، ويريدون ان يكون «نموذجا» وملهما لغيرهم، وهم يستحقونه فعلا، وقادرون على انجازه، ومحاسبة الذين يحاولون اجهاضه ايضا.

الدستور