الزرقاء .. احتضانها للغريب والملهوف يرسخ قدسية التنوع والتعايش في الأردن

الزرقاء .. احتضانها للغريب والملهوف يرسخ قدسية التنوع والتعايش في الأردن
الرابط المختصر

أن مدينة متنوعة ومتعددة الأعراق والأصول والمنابت كالزرقاء، لا تتوانى عن فتح ذراعيها لكل من يلجأ اليها سواء كان زائراً لساعات للتسوق، أو لقضاء حاجة أو لزيارة قريب أو صديق، وبالتأكيد فإن الزرقاء أكثر ترحابا وأعمق احتضانا لمن يختار اللجوء اليها كمكان للعيش والسكن، سواء كان من محافظة أخرى او كان من بلد عربي آخر مبتلى بأمنه ورزق أبناءه.

ولم يشعر أي زرقاوي يوماً بالغربة بمدينه تصبح هي مسقط الرأس مباشرة لمن اختارها مكاناً للعيش ، ويحرص أبناء الزرقاء كذلك على عدم شعور أي وافد اليها بالغربة أو الاختلاف، وكما انسحب هذا الأمر على جنسيات عربية مختلفة، ينسحب بالتأكيد على اللاجئين السوريين الذين اختاروا الزرقاء مكاناً لاقامتهم واستئناف حياتهم منذ القدوم للأردن بشكل نظامي أو بعد خروجهم من مخيم الزعتري بالمفرق .

وليس غريباً أن تكون الزرقاء ثاني مدينة من حيث عدد السوريين اللاجئين إلى الأردن، الذين فضلوا الزرقاء للسكن والإقامة إلى حين عودتهم لوطنهم بعد زوال الغمه عنه، وليس غريبا أن يختار ممثلو قيادات خيرية وإغاثية ولوجستية موجهة للاجئين السوريين، انشاء مكاتب استراتيجا لهم في الزرقاء.

وعلى ما تقدم؛ لا يستوى الخطاب النشاز ضد اللاجئن السوريين وتحميلهم بالكامل أجواء سلبية كنا جميعا نعيشها قبل سنوات، ولم يزيدها وجود السوريين إلا ظهورا على السطح واكثر وضوحا وأعمق جرحا، فالأسعار والإيجارات كانت بارتفاع تصاعدي والأجور كانت بتردي تنازلي، والتغييرات الاجتماعية بدأنا نلمسها منذ أكثر ما يزيد من عقد؛ بسبب تشتت سياسات الدولة وتهميشها لأبناءها وتحطيمها للبنى الاجتماعية التقليدية الإيجابية وتعظيم السلبية منها.

فلم تكن السياسات المحلية في كل محافظة ومنها الزرقاء بالتأكيد كاملة ومثالية، وكنا نعاني من تدني مستوى النظافة، وعدم كفاية الخدمات الصحية ، وسوء المواصلات العامة، وتردي أوضاع الشوارع، والأخطاء الهندسية والتنفيذية...ببساطة لم تكن مجالسنا المحلية تبذل أفضل ما لديها والمبررات معروفة: الموازنة وعبء التوظيف ..الخ.

فلا يجوز بأي حال ان نحمل الضحية مسؤلية الجريمة مهما كان جنسيته، فالسوريون المدنيون العزل لم يختاروا ما هم به ، ولم يلجأو للأردن وغيرها إلا طلبا للأمن وحفاظا على حياتهم وحياة عائلاتهم، فبعيدا عن عوامل القومية والعوامل الدينية والاجتماعية ،ان ما يربط البشر جميعا هو انسانيتها فإن تخلو عنها لا يجد التطور والتعايش والتنمية له مكانا في أي مجتمع.

ولن تقوم لأي مجتمع أي قائمة ما دام يرسخ خطاب الكراهية والعنصرية والطائفية بين ابناءه، ويواجه من هربوا من الظلم لكي يحتمو بأمنه وضيافته بالإقصاء والكراهية والتجييش ضدهم..نحن بلد نشأنا على احترام الغريب والملهوف واحتضانه ولا يجوز أن نتخلى عن قيم نشأنا عليها واسسنا وطن هو التمثيل الحي للاحتضان والتعايش.

أضف تعليقك