الرئيس وضمانات النزاهة

الرئيس وضمانات النزاهة
الرابط المختصر

حديث رئيس الحكومة حول نزاهة الانتخابات في مجلس الأعيان وبهذه التوليفة التي بدأت تُظهر ملامح ذكاء الرئيس يؤشر بشكل مباشر على أن مطبخ الحكومة مطلع وبشكل عميق على أولويات العمل الحكومي والدور الذي لا بد من فعله في مثل هذه المرحلة حتى تتحقق المسؤولية الوطنية المطلوبة.

ولا أعتقد أن هذا المطبخ يحتاج إلى وقت إضافي حتى يبدأ المهام ، فهو جزء من العملية السياسية ولم ينفصل عنها ، خاصة ونحن نتحدث عن تناغم استراتيجي ، نجح فيه الرئيس بالولوج إلى الملف الداخلي وإمكانية الغوص فيه بنزاهة وشفافية واقتدار وطمس ما تراكم من ممارسات أدمت مقلة الوطن وبشخوص تعذر عليها الجمع بين النزاهة والمسؤولية .

خطوة رائدة تلك التي قام بها الرئيس بتأكيد وتثبيت وحسم في قضايا نزاهة الانتخابات ومصداقيتها ودور الحكومة ورئيسها بالذات ، وهو يملك وحكومته الولاية العامة بفرض واقع جديد يعيد ما سلب من مصداقية ليس فقط بنتائج الانتخابات بل في المؤسسات الوطنية من دون استثناء .

ما أحوجنا في الأردن إلى مثل هذا التأكيد في لحظة ننتظر فيها الانتخابات النيابية وسط محاولات واضحة ومسبقة بالتشكيك بنزاهة وعفة النتائج , مُسوّقين مثل هذه الأفكار وهم يتسلحون بالتجارب المرة والسوداء الماضية التي شكلت سرطانات ضربت جسم الوطن ومصداقيته ، ونزعت الثقة بين المواطن ومؤسسات وطنه ، وشكلت قناعات عند بعضهم باستحالة العلاج رغم حصافة وصرامة ودقة القوانين والعقوبات في السنوات الماضية .

لا أريد أن أسمي ما تحدث به الرئيس النسور تطمينات يمكن أن يشكك فيها أي متربص ، بل أقول ضمانات كونه صاحب الولاية الدستورية التي لا تستثني مؤسسة عامة أو خاصة عسكرية أم أمنية ، خاصة أن اختيار الدكتور عوض خليفات وزيرا للداخلية ، إنما جاء لتلبية متطلبات هذه المرحلة التي تحتاج فيها إلى رئيس حكومة ووزير داخلية من نوع خاص ، وبسير ذاتية معروف بالنزاهة والمسؤولية والقدرة على الضغط على الكوابح لإيقاف أي تهور قد يُمارس من أية جهة أو فرد أو جماعات.

ما تم ذكره على لسان الرئيس هو أيضا ضمانات أخلاقية التزمت بها الحكومة أمام مجلس الأعيان وبالتالي الشعب وهي رسائل لا تخص موظفي الدولة وأجهزتها المعنية ، بل والمواطنين الذين تعودوا عزف أنغام نشاز على وتر الحكومة لا تنسجم مع روح العدالة والمساواة والمنطق. من هنا فإن تأكيد الحكومة أن المسؤولية جماعية وليست حصرا على الحكومة مقولة صائبة وحقيقية إذا أردنا فعلا أن تكون الانتخابات نزيهة وشريفة وينطبق قولنا مع فعلنا . تركيز الحكومة على هذا الموضوع جاء في الوقت المناسب أي قبل أن تبدأ مراسم العرس الانتخابي الأردني في نهاية الشهر الاول من العام المقبل , لأن في ذلك إعلان حالة حرب, ورسالة واضحة لكل أجهزة الدولة والمواطنين بأطيافهم وألوانهم كافة بأن عمليات التدخل أو التأثير المباشر او غير المباشر بسلامة الانتخابات ونتائجها انما سيعرض مستقبل الوطن السياسي للخطر بدءًا من النظام وحتى مَن يجلس على قارعة الطريق . فهذا الحديث أصبح الواجب الأبرز للحكومة التي تنظر أن تقوم الهيئة المستقلة بكامل مسؤولياتها وبتناغم مهم حول الصلاحيات والتحضيرات وإنجاح العملية .

الحديث مهم بل ومهم جدا ، لأنه كشف العنوان الأساسي لهذه الحكومة وتوجهها ، وكذلك الإرادة العليا للملك في منع ومحاربة كل ما يؤثر على نزاهة وعدالة الانتخابات وحتى لا نجد من يروج لنفسه او لغيره بغير حق او غير مستند قانوني. فالاردنيون جميعا سواسية أمام القانون ولا يجوز التمييز بين مواطن وآخر ما دام يحترم ويطبق القانون .

العرب اليوم

أضف تعليقك