الخطوة الوحيدة على أجندة الإصلاح السياسي؟!
رغم أن الدورة الاستثنائية ستأخذ وقت الإجازة القصيرة المتاحة للنواب قبل الدورة العادية المقبلة، إلا أنها كانت ضرورية، بل ولازمة جدا من أجل مهمة واحدة على الأقل، هي استكمال مناقشة وإقرار النظام الداخلي لمجلس النواب. طبعا هناك قوانين مهمة أخرى يستحسن الانتهاء منها، مثل قانون الضمان الاجتماعي، وقانون الكسب غير المشروع. والأول ما يزال يتوجب إقراره من الأعيان، فيما عاد الثاني من الأعيان بتعديلات قد لا يوافق عليها النواب، ما يستوجب جلسة مشتركة. وهناك بضعة قوانين أخرى على جدول الأعمال قد لا تتسع الدورة الاستثنائية لإنهائها.
النظام الداخلي الجديد سيكون الإنجاز الوحيد هذا العام على صعيد الإصلاح السياسي. وقد نشهد إطالة مقصودة أو عفوية لنقاشات النظام الداخلي، تهدد إنجازه خلال الدورة الاستثنائية. لكن ثمّة إرادة سياسية لدى المجلس وقيادته لإنجاز النظام الجديد في هذه الدورة، ولو كلف الأمر عقد اجتماعات يومية حتى الانتهاء منه.
هذا الإنجاز سيخفف قليلا من خيبة الأمل من فراغ السنة من أي خطوات خاصة بالإصلاح السياسي. فعلى المدى القريب، ليس هناك سوى التعديل الوزاري الذي سيتم بالطريقة التقليدية، وبدون تنسيق ومشاورات نيابية؛ مستكملا ومكرسا فشل مشروع "الحكومة البرلمانية"، وهي التي كانت عنوان الإصلاح السياسي، كمكافأة بديلة لإصلاح النظام الانتخابي، بعد تثبيت قانون الصوت الواحد.
لا ننكر أن تكوين مجلس النواب قد أقعده عن الاضطلاع بدوره في إنجاح مشروع الحكومة المنتخبة برلمانيا. لكن الرئيس المكلف أيضا لم يمتلك الإرادة والرؤية، بل ظهر وكأنه يستثمر في واقع حال المجلس، وصولا بعد لقاءات ماراثونية مع النواب، إلى وضع يبرر الامتناع عن إشراكهم في القرار. وقد قدم الشكل المختصر للحكومة بوصفه دليلا على نيته إشراك النواب لاحقا بعد بضعة أشهر! ثم في ظل الخطر الشديد على الثقة، قرّب الرئيس المواعيد، عارضا مباشرة المشاورات لإشراك النواب بعد الثقة مباشرة. ثم أخذ يتمهل تحت غطاء من الإشاعات المتكررة عن تمنّع ملكي عن إعطاء الضوء الأخضر. والآن، ها هو يقترب من التعديل، لكن حاسما الأمر باستبعاد النواب من المشاركة في المناصب أو في المشاورات، ومنهيا بذلك مشروع الحكومة البرلمانية التي طالما قال إن مهمته ورسالته هي إنجاحها، تلبية لإرادة الملك، وتتويجا للمحطة الأخيرة من مسيرة الرئيس السياسية.
وبالذهاب إلى انتخابات بلدية بالقانون القديم الفاشل الذي تعطلت بسببه الانتخابات ثلاث سنوات كاملة، يُكمل الرئيس إفراغ أجندته من أي خطوة للإصلاح السياسي، ولا يبقى شيء لهذا العام سوى الوعد بتقديم قانون جديد للانتخاب، وربما الأحزاب أيضا. وهو ليس بالأمر المستعجل، بل إن تلميحات الرئيس إلى محتوى التغيير تجعلنا نقول إنه من الأفضل أن لا يقدمه؛ فالتغيير المقترح سيكون متواضعا، حتى لا نقول بائسا.
كما قلنا، لا يبقى على أجندة الإصلاح السياسي لهذا العام سوى قضية وحيدة تخص مجلس النواب نفسه. ولحسن الحظ أن المجلس وقيادته مصممان عليها، وأعني تغيير النظام الداخلي، بما يضع المجلس على عتبة مرحلة نوعيه جديدة، ترتقي بالأداء وترفع الكفاءة، وربما تتمخض عن تطوير سياسي حقيقي.
الغد