الخدمات الطبية بحاجة إلى تشخيص جريء مع إمكانية الجراحة للمعافاة التامة

الخدمات الطبية بحاجة إلى تشخيص جريء مع إمكانية الجراحة للمعافاة التامة
الرابط المختصر

من بديهيات أي معالجة طبية أن يعترف المريض بوجود مشكلة وضرورة تشخيصها الصححيح، الأمر الذي قد يتطلب عملية جراحية لكي يتم الشفاء التام.

وفي حين تنطبق هذه المبادئ على المرضى, فإنه يمكن تطبيقها على حالة صناعة الطب في الأردن.

يقدم تحقيق الزميل مصعب شوابكة من وحدة التحقيقات الاستقصائية في راديو البلد، صورة مزعجة لحالة الطب في الأردن وبشاعة الاستغلال الذي لا يوجد له رقيب أو حسيب لا من وزارة الصحة ولا من نقابة الأطباء ولا من لجنة الأطباء الخاصة، فقد أصبح  الدينار والريال والدولار والركض الأعمى وراء المال الشغل الشاغل لـ"حيتان" الطب والذين نسوا أو تناسوا عهدهم وقسمهم لمساعدة المواطن أولا وأخيرا.

إن تحقيق  “استغلال المرضى من قبل أطباء ومستشفيات في القطاع الخاص“ هو أفضل ما يمكن تقديمه لصناعة الطب في الأردن، لأنه يحاول تشخيص مشكلة مستعصية سببها الأساسي بعض التجار ممن يلبسون الثوب الطبي الأبيض ولكن ضميرهم أسود قاتم.

سيحاول البعض التهجم على التحقيق لأنه سيضر بمصلحة الأردن والطب الأردني، ولكن المتمعن جيدا سيقر بأنه على خلاف هذه الاتهامات، فهو عمل وطني بالدرجة الأولى ويهدف إلى تصحيح مسار خرج عن السكة ويتهرب الجميع من إعادته إلى مساره.

 وليس لنا إلا الخلافات مع الأشقاء الليبيين لنعرف مدى التضخيم بالأسعار والذي اعترف به المسؤولون في وزارة الصحة رغم أنهم لم يقدموا أي اقتراحات فعالة خوفا من "لوبي" الأطباء والمستشفيات.

أما نقابة الأطباء فهي منشغلة بأمور لا تمس أحيانا المهنة وحمايتها، فهناك الكثير الكثير مما عليها أن تعمله لمعالجة ما هو واضح من التحقيق المهني للزميل مصعب بأنه خلل عميق ومرض يحتاج إلى استئصال جراحي قبل أن يتفشى أكثر ويسبب أضرارا دائمة للجسم الطبي.

لقد حقق الأطباء والمستشفيات في الأردن إنجازات باهرة جلبت العديد من العرب للحصول على معالجة لأمراضهم، إلا أن غياب الرقابة وعدم تطبيق اللوائح الملزمة بداء وفر للجسم الطبي فرص لعمليات الجشع والبطر والاستغلال.

لقد استثمرت وحدة التحقيقات الاستقصائية في راديو البلد الوقت والجهد للخروج بتحقيق مهني ينطبق عليه وبامتياز شروط التحقيق الاستقصائي المهني، وقد مر التحقيق الذي تم العمل بإعداده طوال سنة وشهرين العديد من التحرير وإعادة الكتابة، ويستند لأكثر من 4000 صفحة من وثائق ونصوص مفرغة لمقابلات ولقاءات مباشرة وغير مباشرة.

فقد أشرفت على التحقيق مؤسسة أريج للتحقيقات الاستقصائية العربية، كما وراجع نصوص التحقيق المكتوبة والمرئية والمسموعة عدد من المحامين المختصين في  قضايا حقوق النشر والإعلام، وقد أقروا النصوص بعد تمحيص وتأكد من كل معلومة وردت في التحقيق.

وكان من الممكن أن ينشر الزميل كتابا كاملا من المعلومات المتوفرة لديه إلا أننا اكتفينا بنشر مقالين حول استغلال الأطباء والمستشفيات لعل وعسى يتم التجاوب مع ناقوس الخطر ومعالجة المشكلة من أساسها بشجاعة وجدية.

في خلال التحقيق وكتابة التقرير تم المحاولة للتواصل مع كافة أصحاب الشأن من الأطباء والمستشفيات المذكورة، إضافة إلى الجهات المعنية من وزارة ونقابة وغيرها من مؤسسات، وتجاوب البعض وتجاهلنا آخرون مما أجبرنا على مراسلتهم بطريقة شركات التوصيل والتي توثق إيصال المعلومة لأصحاب الشأن وإعطائهم الفرصة للرد علينا كي نضمن ردهم فيما نشرنا.

ورغم تجاوب معالي وزير الصحة ونقابة الأطباء معنا إلا أن المهمة للحصول على معلومات منهم كانت أشبه بـ"خلع الأسنان"، رغم وجود قانون واضح يوفر للمواطن والإعلامي الحق بالوصول للمعلومات مما أجبرنا عدة مرات على التهديد برفع دعوة قانونية فقط للحصول على معلومات من المفترض أن تكون متوفرة للجميع حول شكاوى مواطنين أردنيين  وعرب وحكومات عربية.

سيهاجمنا البعض كما تم عندما نشرنا تحقيق حول عمل مراكز ذوي الإعاقة وكما تم عندما نشرنا عن عصابات الغش في التوجيهي، إلا أن ذلك لن يثنينا عن عملنا في خدمة جمهور المواطنين، فنحن إذاعة مجتمعية تعطي الألوية لخدمة المجتمع وليس أية جهة أخري,

إننا مستعدون  للنقد التي ستصلنا حول هذا التحقيق ولكننا نأمل ممن يشعر  بأذى أو ضرر من القصة أن يحصر الرد بنصوص التحقيق وعدم شخصنة النقد للكاتب أو للمؤسسة التي يعمل بها، ونحن على استعداد تام لنشر أقول من يرغب بنشرها ومواجهة من يصر على اتخاذ الخطوات القانونية رغم قناعتنا المطلقة بأن ما عملناه يأتي ضمن حق التعبير والخدمة العامة.

* مدير عام راديو البلد وموقع عمان نت

أضف تعليقك