الحكومة الأردنية على خط الأزمة السورية

الحكومة الأردنية على خط الأزمة السورية
الرابط المختصر

تصريحات رئيس الوزراء الأردني عبر وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بخصوص الأزمة السورية، عبّرت إلى حد بعيد عن مشاعر وقناعات الرأي العام في الأردن تجاه ما يحدث في سوريا الشقيقة من مواجهات غير متكافئة على الإطلاق، مواجهات يمثل فيها المدنيون العزّل طرفاً فيما تمثل قوى الأمن المدججة بالأسلحة الثقيلة طرفاً آخر. و ليس سراً أن الحكومة الأردنية قد حاولت طويلاً النأي بنفسها عن الدخول العلني على خط الأزمة السورية لأسباب كثيرة جداً، لكن التباطؤ المتعمد الذي أبداه النظام السوري تجاه الإصلاح والإمعان غير المسبوق في أعمال القتل والتعذيب لأبناء الشعب السوري يجعلان من الصعب على بلد مثل الأردن أن يقف مكتوف الأيدي في الوقت الذي تتواتر الإدانات للنظام السوري دولياً وإقليمياً وعربياً.

لقد وقف الأردن رسمياً وشعبياً إلى جانب الآمال والطموحات المشروعة للأشقاء العرب في تونس ومصر وليبيا، وليس غريباً أن يقف إلى جانب هذه الآمال والطموحات المشروعة للأشقاء في سوريا، خاصة أن للأردن تحديداً مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية عليا في القطر السوري، وقد يكون الأردن البلد الأكثر تضرراً في العالم لو أن الأحداث في سوريا خرجت عن سيطرة كل الأطراف كما أنه القطر الأكثر إفادة لو أن سوريا استعادت استقرارها السياسي وانطلقت في مسيرتها الإصلاحية والنهضوية.

طبعاً هناك من نصح الحكومة سابقاً بعدم الدخول على خط الأزمة السورية، بدعوى أن (من كان بيته من زجاج فلا يرمين الآخرين بحجر) وهو استدلال متهافت يسوّي بين الحركة الإصلاحية في الأردن وبين الثورة السورية. ومعروف أن الأولى لم ترفع يوماً شعار المطالبة بتغيير النظام كما أنها لم تضطر يوماً لحمل السلاح ضد النظام ، فيما أن الثانية لم تتردد في المطالبة بإسقاط النظام منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة السورية ولم تخف بعض تياراتها اضطرارها لحمل السلاح دفاعاً عن وجودها في مواجهة عمليات الإبادة والقتل المنظم التي تقوم بها قوى الأمن السوري دون تردد. ومعروف أيضاً أن التضامن الرسمي والشعبي الأردني مع الشعوب العربية لو كان يمثل أدنى خطر على الوضع الداخلي لاتضح ذلك في ذروة الثورة المصرية التي تفاعل معها الأردنيون تفاعلاً غير مسبوق، ومع ذلك فإن ما أظهره المصريون من تلاحم بين الجيش والشعب ومن حرص على الوحدة الوطنية في ذروة الثورة المصرية قد كان له تداعيات إيجابية جداً على الصعيد الداخلي الأردني. حيث ازداد الناس قناعة بأن المؤسسة العسكرية هي صمام أمان البلد فعلاً وأن الوحدة الوطنية هي خيارنا الوحيد.

التداعي السلبي الداخلي المؤكد قد يحدث إذا تجاهلنا الأزمة السورية وتعاملنا معها على انها غير موجودة، لأننا عبر هذا التجاهل سوف نوفر فرصة لهواة ركوب الموجات الذين لن يترددوا في اتهام الحكومة بالتواطؤ مع الحكومة السورية، كما لن يترددوا في تحويل الأزمة السورية إلى إشكالية داخلية أردنية. وفي كل الأحوال فالأردنيون أدرى وأولى بشؤون أشقائهم السوريين من الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، وهواجسهم لاتقل خطراً أو صعوبة عن الأتراك أو العراقيين أو اللبنانيين.

الدستور

أضف تعليقك