الجاهة والسياسة.. ومتطلبات الإصلاح

الجاهة والسياسة.. ومتطلبات الإصلاح

صدقت توقعات كثير من السياسيين الذين راهنوا على أن استقالة رئيس قائمة التيار الوطني عبد الهادي المجالي من مجلس النواب، لن تستمر طويلا، وسوف يعود عنها بعد تدخلات "أهل الخير".

أمس توجهت جاهة كريمة إلى منزل المجالي، وشربت فنجان القهوة السادة، على أن طلبهم مجاب، وسوف يتراجع عن قرار الاستقالة.

إذا كانت عقلية الجاهة هي التي سوف ترسم خريطة طريق الإصلاح في الأردن، فبئس هكذا إصلاح.

النائب المجالي خرج على الإعلام والمجتمع، وأعلن أسباب استقالته، ليس حردا، وليس تعففا، بل لوجود "مؤامرة ضد التيار في الانتخابات"، حسب وصفه، فالمعالجة السياسية يجب أن تجيب على الأسئلة التي طرحها المجالي في وجه الانتخابات، وهي أسئلة طرحها مرشحون آخرون، لهم ملاحظات عديدة حول الانتخابات، لهذا ذهبوا إلى المحاكم ليحصلوا على حقوقهم الشعبية.

المعالجة السياسية كان يجب أن تتم خلال القانون، ومن خلال محاولة إقناع المرشح الثاني في القائمة، أما التفكير بعقلية الجاهة، وتخجيل المجالي في بيته، فهذا لا يسجل في باب الإصلاح السياسي، وبالعكس يسحب من الرصيد إن وجد.

لم يعد الشعب قادرا على هضم سياسات معاكسة لمتطلبات الإصلاح، ورموز تسعى بكل جهدها لإدارة دفة البلاد إلى الوراء، في الوقت الذي يقر فيه الجميع بضرورات التغيير، وتقديم الاستحقاقات المعيشية، والديمقراطية المؤجلة للشعب وفئاته الفقيرة والمتوسطة.

الخطاب الإصلاحي حتى يجد طريقه للتطبيق لا بد من ترجمته إلى برنامج وخطط عمل ملموسة، وإدارة تنفيذية كفؤة، تمد يدها للاحتياجات الشعبية، وللخبرات الهائلة المتوفرة في أوساط المجتمع، للاستعانة بقدراتها على حل وفكفكة الاستعصاءات، تحديدا، المعيشية، والاقتصادية منها.

هذا الحديث يفتح على ضرورة الخروج عن العقلية النمطية السائدة في تشكيل الحكومات وانتقاء المسؤولين عن المحاور الرئيسية في عمل الدولة وإدارة شؤون المجتمع، بالاقتراب من نبض الشعب وروحه الوثابة والطامحة إلى التغيير، فالمسألة هنا لا تتعلق بهذا الشخص أو ذاك، بقدر ما يجب أن يتجه التفكير الرسمي نحو الكفاءة والقدرة على إدارة هذا المحور أو ذاك، دون تجاهل التجارب المريرة التي مرت بها الحكومات غير الفعالة، وغير القادرة على تحمل مسؤوليات وطنية كبرى.

في مثل هذه الظروف الدقيقة، وبعيدا عن السجال السياسي بشأن تشكيل الحكومات البرلمانية، وصيغة التشاور المستحدثة مع الكتل النيابية، حيث لا وجود لمقومات حكومة برلمانية بأية صيغة كانت، ولا التشاور مع الكتل النيابية (التي انفرط معظمها أو تفكفك) يمكن أن يحل معضلة، غياب حكومة منتخبة على أساس وجود كتل سياسية متماسكة في البرلمان.

باختصار، وحتى يستقيم النقاش، وتستقيم معه التوجهات السياسية، فلا بد من وضع محددات للحكومة القادمة تعتمد بدرجة رئيسية على ثلاثية: الكفاءة والنزاهة، والقدرة والتخصص، والاقتراب من روح الشعب ومطالبه

العرب اليوم

أضف تعليقك