الثنائي النسور طراونة
ربما من قبيل المصادفة أن يتناغم كل من عبدالله النسور وفايز الطراونة في كثير من الموضوعات والأفكار والتصورات لمستقبل الأردن السياسي والاقتصادي، فلم يعد يخفى على أحد أن الحكومة الحالية خلفت حكومة الطراونة في تنفذ برامج الحكومة السابقة وخصوصا الجانب الاقتصادي منها.
فالطراونة وحكومته، من وقّع الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي التي بموجبها سوف يحصل الأردن على القرض المقدر بملياري دولار، على أن تلتزم الحكومة مقابل هذا القرض بسياسة تحرير أسعار الكهرباء والمحروقات.
وفي المجال السياسي فكلا الطرفين ينسجم تلقائيا مع الآخر، بحكم التركيبة السياسية للطرفين التي تنطلق من أرضية واحدة مجازاً نستطيع القول عنها إنها المدرسة المحافظة، والمجاز في هذه الحالة ينطبق على الظاهر وليس الباطن لعدم تحقق الشروط العامة لتعميم مفهوم مدرسة المحافظين عليهما!والبعض يعتقد أن قرار رفع أسعار المحروقات الأخير، سيكلف كثيرا النسور لعودته كرئيس للوزراء من قبل مجلس النواب، وربما تكون هذه التبعات في ظاهر الأمر عقبة، إلا أن الطرفين الطراونة والنسور، قد يستطيعان أن يتجاوزاها أمام مجلس النواب، وخصوصا أن المجلس في وضع لا يحسد عليه.
حتى هذه اللحظة، فإن كل المحاولات لتشكيل ائتلاف نيابي قوي يستطيع أن يسمي مرشحا للحكومة باءت بالفشل، فالرقم السحري لتسمية الرئيس أصبح من المستحيل الوصول إليه، في ظل الظروف الحالية. وهذه الاستحالة ليس مردها صراع الكتل على خلفيات سياسية أو أيديولوجية، بل إن الخلاف بكل بساطة يبين سطحية التفكير السياسي، ويعبر عن بنية انقسامية يعيشها المجتمع الذي يشكل النواب صورة غير مكتملة عنه.
وعلى مر الأيام والأسابيع الماضي ثبت بالوجه القطعي، أن الكتل عبارة عن تجمعات هلامية قابلة للانقسام في أي لحظة، وليس لها ملامح أو أفكار أو رؤى واضحة للمستقبل، وهي غير مؤهلة موضوعيا وذاتيا للخروج بتوافق يستطيع أن يحدد شخص الرئيس المقبل، وهذا مرده طريقة وصولهم للمجلس.
لذلك ستبقى العلاقة الانقسامية والهلامية بين أعضاء الكتلة الواحدة هي الصفة البارزة ، ما يضعف أي فرصة للحصول على توافقات تستطيع أن تغير صورة المشهد الهلامي. وحالة المراوحة التي يعيشها المجلس، تجعلنا نفكر في كل ما يمكن أن لا يفكَّر فيه، بمعنى أن حالة المجلس الانقسامية والهلامية، ستفسح المجال أمام الثنائي النسور والطراونة، لإعادة ترتيب أوراقهما بحيث يتمكن الطرفان من تهيئة كتلة نيابية تستطيع في الحد الأدنى التوافق على تسمية النسور رئيسا جديدا، خصوصاً أن حكومة النسور لم يكن لها برنامج اقتصادي أو سياسي خاص بها، فهي جاءت لتكمل ما قامت به حكومة الطراونة، ولذلك نحن أمام ماراثون افتراضي، شبيه بذلك الذي نراه في عالم الانترنت والكمبيوتر، ستنتهي فصوله عما قريب.
وطالما أن الاثنين يمثلان نفس التفكير، ونفس التوجهات السياسية والاقتصادية، فما جدوى التفكير في اسم رئيس جديد من خارج إطار الصندوق؟
الغد