التوقيف.. وفق معايير حقوق الإنسان !
حالات التوقيف على ذمة قضايا مختلفة في مراكز الاحتجاز المؤقتة اثارت.. ردود فعل احتجاجية كثيرة بين الحين والآخر على بعض ما يقع فيها من حوادث للموقوفين, تؤدي إلى نشوب اشكالات بين هؤلاء وذويهم والجهات الأمنية حول الأسباب التي تقف وراءها وطبيعة الملابسات التي تحيط بها, مما يدفع في اتجاه تبني مثل هذه الممارسات على أنها تندرج في إطار انتهاكات حقوق الانسان وتفتح الباب واسعاً أمام تدخل جهات أجنبية ترى أن ذلك يتنافى مع توقيع الأردن على العديد من المواثيق الدولية, التي تنص على احترام الذات الانسانية ووضع حدود للتعامل معها مهما كانت ظروف الاتهامات الموجهة إليها ! .
لذلك فإن ما تردد عن توجهات لدى مديرية الأمن العام نحو تحسين بيئة الاحتجاز بمراكز التوقيف المؤقتة يستحق كل التقدير, في سبيل اغلاق هذه الثغرة التي تنفذ منها التدخلات الداخلية والخارجية التي تسيء إلى سمعة الأردن في هذا المجال, خاصة أن الخطة تستهدف تأهيل الكوادر العاملة في هذه المواقع وتدريبها على أصول التعامل مع مثل هذه الحالات مع التركيز على التزام أساسيات مبادئ حقوق الانسان ! .
يتزامن ذلك مع إعلان مدير الأمن العام عن حملة لتعزيز قيم المواطنة واحترام القانون, على اعتبار أن منظومة العمل الأمني لا تنفصل عن المواطن الذي يشكل أساسها, ويمثل المحور الذي من أجله يتم تطبيق القوانين ومن خلاله ينبغي الحفاظ على ثوابت الحقوق الانسانية لكل أردني, فلا شك بأن تطوير العمل في مراكز التوقيف والاصلاح والتأهيل عموماً يصب في تلافي الكثير من الانتقادات التي قد تقود في معظمها إلى مسؤولية فردية, إلا أنها تؤثر بالتالي على الصورة الكلية التي يفترض أن تشهد المزيد من التحسينات للبناء على ما تم منها خلال السنوات الأخيرة ! .
تقارير المركز الوطني لحقوق الانسان ما تزال تؤكد على أن أوضاع مراكز التوقيف والاحتجاز المؤقت, تشكل التحدي الأكبر أمام مديرية الأمن العام في ظل وقائع تشير إلى تجاوزات لدى بعض الإدارات والمراكز الأمنية, حيث تتواصل شكاوى من سوء المعاملة بحق بعض المحتجزين في ظل ما قد يعتبره البعض غياباً للمحاسبة والشفافية لمرتكبي مثل هذه الحوادث, رغم إجراء تعديلات على بعض النصوص القانونية المتعلقة بهذه الأوضاع, إلا أنها تحتاج إلى تطوير أفضل للتشريعات لتتماشى مع المعايير الدولية الخاصة بهذه الأماكن ! .
ما يدعم هذا التوجه أيضاً أن مجلس النواب يقوم هذه الأيام بمناقشة مشروع قانون معدل لقانون منع الجرائم, وهو الذي له انعكاسات على بعض حالات التوقيف في مراكز الاحتجاز, حيث تم اعتباره أحد قوانين الاصلاح التي تنسجم مع التعديلات الدستورية والحريات العامة, بعد أن أجرت اللجنة القانونية تعديلات مهمة على هذا القانون بما يعزز من توافق التشريع الأردني مع المبادئ الأساسية لحقوق الانسان, مع مراعاة ذلك في كل الإجراءات بما فيها حالات التوقيف المؤقتة !
العرب اليوم