نضجت طبخة المشاورات بين الديوان والنواب، وبات الرئيس الدكتور عبدالله النسور قاب خطوة من التكليف الجديد بتشكيل أول حكومة برلمانية في عنوانها، لكنها على الطريقة القديمة في تشكيلها.
رغم كل جولات الحوار والاستماع بين الديوان ممثلا برئيسه، والكتل النيابية والمستقلين، لم يلمس المراقب للعملية السياسية أي تطور في بنية التفكير في تشكيل الحكومات، وسوف تحكم النتيجة التي سوف تظهر بها التشكيلة النهائية على مجمل التغيير الذي نتحدث عنه صباح مساء، لكنه في واقع الحال "مكانك سر".
التفكير عند بعض النواب بالطريقة القديمة دفعت أحدهم إلى ترشيح شخصية لمنصب رئيس الوزراء داخل اجتماع كتلته، لم ينل فيه سوى صوته، فهل هكذا تصنع السياسات، وترسخ مفاهيم اختيار المناصب العليا.
في العمل السياسي هناك محرمات لا يمكن تجاوزها مهما كانت الظروف والضغوط، وفي تشكيلة الحكومة الجديدة، هناك سيل من الأقاويل والإشاعات، لكن أخطرها أن القوائم الانتخابية التي لم تفلح كثيرا في توصيل مرشحيها إلى قبة البرلمان، صرفت الكثير من الوعود لمرشحين لم يحتلوا مواقع متقدمة في القوائم، بأنهم لن يخسروا كثيرا، وسوف يحسب حسابهم في لحظة "تواصي" الأسماء والقوائم المعدة للتكليف.
دفع العمل السياسي ولا يزال، ضريبة كبيرة من قوائم تفرض على رئيس الوزراء المكلف، تحمل أسماء قد لا يكون على توافق معها أو قناعة بأدائها، لكنها الطريقة البائسة في تشكيل الحكومات، تفرض على الرئيس المكلف قبول كل شيء.
الآن نحن في مرحلة جديدة، وزمن مختلف، وما كان مقبولا في السابق، لم يعد له مكان في الوقت الحاضر، ولا يجوز مهما كانت الضغوط، وحجم الأصوات التي سوف تمنح الثقة من قبل النواب، أن تفرض على الرئيس الجديد أسماء غير مقنعة، وفشلت في الانتخابات، ولم تتمكن من الحصول على ثقة الناخبين، فكيف ستتبوأ المراكز التنفيذية المتقدمة.
في العرف الحكومي، وفي القانون أيضا، موظف الحكومة الذي يستقيل لخوض غمار الانتخابات، لا يجوز له إذا لم يحالفه الحظ العودة من جديد إلى عمله السابق، فكيف الحال بالسياسيين والشخصيات المستقلة التي تخوض غمار الانتخابات، ولم تستطع الوصول إلى ثقة الناخبين، تسمح لنفسها بالتفكير بغنيمة المنصب الحكومي، أو أي رشوة أخرى.
العرب اليوم