التوجيهي.. المشكلة الدائمة

التوجيهي.. المشكلة الدائمة
الرابط المختصر

بات امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، في السنوات الأخيرة، مثار قلق للجميع؛ من حكومة ومؤسسات تعليمية عامة وخاصة، وصولا إلى الأهالي الذين هم أكثر الجهات قلقا على مصير أبنائهم.

كما أصبح "التوجيهي" سببا لمشاكل مجتمعية خطيرة. فهذا الامتحان الذي يحدد مصير عشرات الألوف من الطلبة، بات عبئا على هؤلاء الطلبة والمجتمع والدولة.

في هذه السنة، كما التي قبلها، والتي قبلها، وغيرها، شهد الامتحان الكثير من المشاكل، وأخطرها تسريب الأسئلة قبل الامتحان بوقت مناسب. كما شهدنا سجالات ما بين المعنيين والمسؤولين في وزارة التربية والأهالي ومؤسسات المجتمع المدني، حول إجراءات الوزارة لضمان صدقية وعدالة الامتحان.

يظهر من السجالات التي جرت مؤخرا، أن الشكوك تتزايد بعدم نجاعة الإجراءات الوزارية لضمان سير الامتحان بدون مخالفات ومشاكل، وضمان صدقيته.

وبالرغم من تأكيدات الوزارة أنها اتخذت كل ما يلزم من إجراءات للحفاظ على سير الامتحان بشكل مناسب، وبأقل المخالفات التي لا تؤثر جوهريا على نتائجه، إلا أن الكثيرين لا يصدّقون الوزارة، ويعتقدون أنها تسعى إلى الدفاع عن نفسها وعن إجراءاتها، وأنها لن تعترف بضعف هذه الإجراءات، وبفشلها في حماية سير الامتحان.

وأظهرت مشاكل الامتحان هذا العام، أن هناك أشخاصا وجماعات، يمكن تسميتهم بالعصابات، يستفيدون من الامتحان، من خلال بيع الأسئلة قبل انعقاده بوقت قصير على أنها أسئلة الامتحان.

وكشفت وزارة التربية والتعليم أول من أمس أسماء بعض المتورطين بتسريب الأسئلة، ومنهم موظفون في الوزارة نفسها.

أصبح "التوجيهي" وسيلة للكسب المادي غير المشروع، ما أدى إلى تزايد الشكوك حول جدواه كمقياس لقدرات الطلبة وإمكاناتهم العلمية.

كل هذا، بالإضافة إلى السجالات والمخالفات والاحتجاجات ضد الامتحان، يجب أن تدفع المعنيين، من حكومة ووزارة التربية ومجلس الأمة ومنظمات المجتمع المدني، إلى البحث عن حلول للامتحان بالمجمل، وليس على صعيد الخطوات التي تضمن سيره على أكمل وجه.

فالانتقادات التي توجه لـ"التوجيهي" ليست منحصرة في المشاكل المتعلقة بالغش وتسريب الأسئلة، وإنما هي أعمق؛ إذ تتعلق بالتوجيهي كامتحان قادر فعلا على قياس إمكانات الطلبة وقدراتهم العلمية.

هناك جهات عديدة تعتقد بضرورة إجراء تعديلات جوهرية على الامتحان حتى يصبح امتحانا قادرا فعلا على قياس إمكانات الطلبة.

ومن هذه الجهات وزارة التربية والتعليم التي أعلنت سابقا عن توجهاتها لتطوير الامتحان، وأجرت من أجل ذلك مئات الدراسات.

ولكن كل التوجهات لم يكتب لها النجاح، وأصبحت جزءا من الماضي؛ إذ ظل الامتحان، شكلا ومضمونا، مثل السابق، ولم تجر عليه أي تغييرات.

عندما كانت الوزارة تبرر أسباب رغبتها في تطوير الامتحان، كانت تتحدث عن أن هناك حاجة فعلية إلى تطويره، وأنه أصبح كمقياس قديما، ولا يستطيع فعلا قياس قدرات وإمكانات الطلبة العلمية.

نعم، هناك حاجة ضرورية لتطوير الامتحان، أو حتى تغييره جذريا، بحيث يتلاءم مع التطورات العلمية والتعليمية في العالم.

التطورات الأخيرة، وما شهده الامتحان من لغط، يسوغ لوزارة التربية والتعليم البدء بخطوات عملية لتطويرالامتحان.

فعلى الجهات المعنية أن تسارع إلى اتخاذ ما يلزم لتطوير الامتحان شكلا ومضمونا.

وأي تلكؤ أو تأخر أو تباطؤ على هذا الصعيد، يزيد من الاحتجاجات والخروقات والمخالفات التي تؤثر سلبا على الامتحان وصدقيته، وتؤثر أيضا على مستقبل الأجيال.

أضف تعليقك