"التوجيهي": الأميّة تلاحقنا!

"التوجيهي": الأميّة تلاحقنا!
الرابط المختصر

مرّ كثيرون على خبر نُشر الشهر الماضي حول جاهزية الجامعات الأردنية، الحكومية والخاصة، لقبول 46 ألف طالب في العام الدراسي المقبل، ولم يتوقع أحد أن عدد الناجحين في الثانوية العامة لن يصل إلى 35 ألف طالب.

ثلث الطلبة المقبولين (حوالي 16 ألف طالب) على امتداد العقدين الماضيين كانوا غير مؤهلين علمياً، ولم يكن ليكملوا دراستهم الجامعية لولا التجاوزات الحاصلة في امتحان "التوجيهي" وتصحيح الأوراق وإعلان النتائج.

"التجاوزات" ذاتها أنعشت الاستثمار المتنامي في التعليم العالي، وعاشت عليها برامج الموازي في الجامعات الحكومية، وعشرات الجامعات الخاصة التي طالب بعضها، منذ أيام، إلى تخفيض معدل القبول من 60% إلى 55%، رغبة في تخفيض خسائرها هذا العام غير مكترثة إلى المشاكل المترتبة في حال إقرار ذلك.

الخسارات المنتظرة لن تلغي حقيقة ثانية بأن 15 ألف طالب آخرين ممن سيقبلون في الجامعات سيدرسون اختصاصات لا يمكنهم دراستها لولا وجود انتهاك واضح وصريح في نظام القبول، الذي يوفر 80% من المقاعد الجامعية لطلبة المكرمات المتعددة، إضافة إلى برنامج الموازي، بينما يجري التنافس "العادل" على بقية المقاعد.

لا يتجاوز عدد الطلبة المتنافسين بجدارة أكثر من 15 ألف طالب من أصل 126 ألفاً يحق لهم التقدم إلى امتحان الثانوية العامة، وإذا ما أقرت وزارة التعليم العالي امتحان الجدارة على خريجي الجامعات (يشبه امتحان الشامل لدى خريجي الكليات المتوسطة)، فإن المؤشرات الأولية تقول بإخفاق أغلبيتهم.

تدني مخرجات التعليم المدرسي والعالي سيقود إلى حصول 10% من أي دفعة دراسية – في أفضل تقدير- على شهادة جامعية، وبحسبة بسيطة فإننا سنكون على موعدٍ مع 100-110 راسب سنوياً في موسمي "التوجيهي" و"الجدارة".

هؤلاء الراسبين جميعهم لا يمتلكون معرفة ولم يجر تأهليهم مهنياً، وهم سيدخلون سوق العمل متوجهين إلى قطاعات غير منظمة وبأجور متدنية وساعات عمل طويلة وظروف عمل صعبة ومهينة.

أزمة التعليم في الأردن ليست عابرة، إنما هي محصلة تحالف وتواطؤ القوى الرجعية والمستبدة والفاسدة في الحكْم منذ عقود مديدة، ولم يعد مجدياً توجيه الاتهامات إلى أجهزة أمن تدير الجامعات: الابتعاث والتعيين وانتخابات الاتحادات وعمادات شؤون الطلبة، وإلى خضوع الدولة لإملاءات الإسلام السياسي في وضع المناهج الدراسية في سبيعينات القرن الماضي، وإلى.. وإلى..

"اتهام" لن يغير شيئاً إذا لم يتنبه الجميع إلى الكارثة، التي تعني ببساطة أننا نتجه إلى الأمية؛ بمستوياتها وتداعياتها كافةً، رغم افتخارنا "المتوهم" بنسب التعليم في بلادنا.

كاتب وصحافي. محرر “تكوين” في عمان نت.

أضف تعليقك