التعديل والتعليل؟!

التعديل والتعليل؟!
الرابط المختصر

لم يسبق أن كان هناك تعديل معلن عنه ومقرر منذ تشكيل الحكومة، كما هي الحال مع هذا التعديل. وقبل ذلك، لم يسبق أن تعدّلت طريقة تشكيل حكومة، ثم طريقة تعديلها، كما حدث مع هذه الحكومة، أقصد مع رئيسها د. عبدالله النسور.

ابتداء، دخل الرئيس في مشاورات ماراثونية لشهر كامل مع الكتل النيابية من أجل تشكيل الحكومة، ثم شكلها بدون مشاورات!

وتعويضا عن ذلك، عرض الرئيس حكومة مختصرة، تاركا الكثير من الحقائب تحت وصاية وزراء آخرين، على أساس أن يتعرف في الدورة البرلمانية الحالية بصورة أفضل على النواب، لإشراكهم في الحكومة في الدورة البرلمانية التالية!

تداركا لغضب النواب من هذه الصيغة، طلب الثقة على أساس أن يشاور النواب بعد الثقة مباشرة بشأن التعديل، فتقرر الكتل إدخال نواب أو غير نواب إلى الحكومة!

لم تحدث المشاورات الفورية، ولا تم انتظار الدورة البرلمانية المقبلة، بل جرى التعديل في منتصف الطريق، وبدون أي مشاورات، وبنفس أسلوب التعتيم الكامل الذي درج عليه الرؤساء من عصر ما قبل الحكومات البرلمانية التي لم تبدأ بعد!

ليس عدلا أن نلقي اللوم على جهة واحدة؛ فلا النواب كانوا مهيئين لاجتراح الحكومة البرلمانية، ولا الرئيس؛ وكلاهما خاتل الآخر.

فالرأي الشائع هو أن الرئيس "ضحك على النواب وغازلهم، ثم أدار الظهر لهم".

وهذا ليس دقيقا، لأن النواب لم يكونوا هم أنفسهم قادرين على تقديم أسماء باسم كتلهم من داخل أو خارج المجلس، بمن في ذلك الكتلة التي أنتمي إليها.

الرئيس من جهته ترك الوقت يمر بلقاءات عبثية، بينما يتلقى العروض والرغبات الفردية من باب جانبي، وليعلن أنه تتراكم لديه مئات الطلبات، ثم يعلن رأيه بأن حال الكتل لا تسمح بفتح مشاورة معها حول الأسماء، وخشيته من أن تتفتت إذا انتقى منها وزراء.

وهكذا استوى مشروع تشكيل الفريق بعيدا عن المشاورات التي دامت شهرا بلا معنى.

وكان الأصح، من وجهة نظري، أن يلقي الرئيس الكرة في ملعب النواب، فيطلب منهم، بطريقة مؤسسية ورسمية وفوق الطاولة، تقديم أسماء أو إبداء الرأي بأسماء يقدمها، وصولا الى توافق.

ولو فعل ذلك، لأمكن تبين الفرص الحقيقية لتشكيل حكومة برلمانية، بينما ضاعت الحقيقة الآن.

والنواب يحمّلون الرئيس المسؤولية، ويقولون إنه خدعهم ولم يلتزم بالشراكة في القرار حول تشكيل الفريق الوزاري.

في التشكيل أو في التعديل، نلاحظ أن الأمر يثير تحفزا كبيرا، ويرفع الأدرينالين في عروق كل المتابعين.

ثم يأتي التشكيل محبطا للجميع، وكأن الجبل تمخض فولد فأرا! وإنني أتساءل بجدية: هل المشكلة هي تركيبة الحكومة، أم تركيبتنا نحن جميعا؟

لقد كنت حريصا جدا أن تكون الحكومة نتاج مشاورات حقيقية، حتى نرى ما الذي يمكن أن نجترحه من تركيبة أفضل من تلك التي ينفرد بها الرئيس، ومن قد "يمونون" عليه.

لكن هذه الفرصة ما تزال تفوت، كما تفوتنا أمور كثيرة أخرى.

الغد

أضف تعليقك