التسجيل للانتخابات.. مأزق ومقاربات "تكتيكية"!
تراهن الهيئة المستقلة للانتخابات والحكومة على انتهاء بعض المعيقات الشخصية المفهومة للناس خلال رمضان المبارك وفترة الصيام، مع انتهاء الشهر الفضيل، وعودة الحياة الطبيعية بعد العيد، لزيادة الإقبال على التسجيل للانتخابات، والذي ما يزال أقل من متواضع، بعد مرور نحو عشرة أيام، لم يتجاوز فيها الرقم الإجمالي للمسجلين الـ120 ألفا.
العدد المستهدف ممن يحق لهم التسجيل للانتخابات يزيد بقليل على ثلاثة ملايين مواطن، فيما يصارح مسؤولو الهيئة المستقلة بأن نصاب التسجيل لأي انتخابات كاملة الدسم ومقبولة سياسيا هو مليونا ناخب بالحد الأدنى.
وهو رقم يبدو كبيرا مقارنة بالعدد المتوقع الوصول إليه، وفق المؤشرات الأولية، حتى مع تمديد فترة التسجيل ضمن الصلاحيات القانونية للهيئة، لأسبوعين أو شهر.
هذه المؤشرات والمعطيات "السلبية" التي ترافق عملية التسجيل للانتخابات، والتوقعات المتشائمة بحصيلتها النهائية، أعادت إلى الساحة وجدل السياسيين خيار تأجيل الانتخابات إلى حين ميسرة، وحتى يخلق الله أمرا كان مفعولا، على اعتبار أن تأجيل الانتخابات خير من إجرائها في ظل فقدانها النصاب السياسي!
في الأثناء، تجهد الحكومة ومؤسسات الدولة في استنفار جهودها لتحفيز إقبال المواطنين والناخبين على التسجيل، خصوصا في مناطق الثقل في أعداد الناخبين، وهي ذات مناطق الثقل أيضا في العزوف وانخفاض الإقبال على التسجيل، وخصوصا عمان والزرقاء والرصيفة، وإلى حد ما مدينة إربد.
المشكلة الرئيسة اليوم، وبقدر ما هي في انخفاض الإقبال على التسجيل للانتخابات بما يهدد نصابها السياسي المقبول، هي أساسا في الحلول والمقاربات الرسمية المجتزأة لمعالجة المشكلة، والتركيز على الحملات الإعلامية والتوعوية لحث العازفين والمترددين على التسجيل، وأيضا استنفار مرشحين مقبلين و"فاعلي خير" كثر، ووجوه اجتماعية وسياسية ومناطقية، لجذب المسجلين وتحفيز هممهم، إضافة، طبعا، إلى جهود رسمية أخرى، وكلها تندرج في باب "التكتيكي".
ما تتجنبه الحكومة اليوم في مقارباتها المذكورة مع قضية انخفاض الإقبال على التسجيل للانتخابات، هو التركيز على ما يمكن تسميته بـ"التكتيكي"، بعيدا عن الاستراتيجي؛ بل والأخطر هو في حجم التضليل الذاتي التي يستمرئه بعض المسؤولين، وحالة النكران والهروب إلى الأمام من استحقاقات المعالجة والمقاربة المناسبة للمعضلة.
الحل ليس في مواصلة سياسة دفن الرأس في الرمال، وإنكار أساس المشكلة، وهي سياسية بامتياز؛ ولا هو في العناد الذي يقود إلى ترسيخ نزعات الإقصاء للآخر السياسي، كما أن التوعية والحملات الإعلامية ومناشدة الضمائر والهمم ليست حلولا وافية للمشكلة.
الحل، أولا، في الاعتراف بالمشكلة، وتشخصيها بصورة صحيحة وغير مضللة؛ فثمة ما بقي ناقصا وغائبا، وهو الوصول إلى توافق وطني مقبول وبالحد الأدنى على قانون الانتخاب، وعلى رؤية وطنية جامعة لعبور المرحلة عبر الانتخابات.
بهذه المقاربة وحدها يمكن أن تتولد ميكانزمات ودوافع ذاتية وطبيعية، تحفز الأغلبية على الإقبال على التسجيل والمشاركة في الانتخابات، وإنجاحها، وترسيخها محطة وطنية فارقة للأردن وشعبه.
الغد