البلديات.. بين دعوى الانفصال والجاهزية للتنمية

البلديات.. بين دعوى الانفصال والجاهزية للتنمية
الرابط المختصر

توالت احتجاجات الناس في الاطراف حول مسألة دمج البلديات، ونهضوا مطالبين بفصل مناطقهم في بلديات مستقلة، وهم في ذلك المطلب يقدمون مبررات شتى. البعض يقول ان خدمات البلدية بعد تجربة الدمج الطويلة تردت، وان العودة للحال القديم ستوفر للناس خدمات أفضل، وفي حالات أخرى صارت مناطق تدر دخلا على البلديات الكبرى بفعل الرسوم والتراخيص التي تتقاضاها البلدية الكبرى من الفعاليات الاقتصادية المختلفة في مناطق النشاط الاقتصادي والدخل ولا تحظى بأي افضلية عن غيرها، فتتساوى كل المناطق في الخدمة.

ومع ان النزعة الانفصالية ليست فضيلة، إلا أن البعض يرى أن استجابة الحكومة لضغوطها يمكن ان تسهم في الحد من توتر بعض المناطق وجعلها تحكم نفسها، لكن إذا ما علمنا أن القانون الجديد الذي ستجرى عليه الانتخابات المقبلة يعطي استقلالية شبه تامة للبلديات ويمنحها حق الاستثمار، فلنا ان نسأل عن الكوادر والتدريب والقوى البشرية التي ستنهض بهذا الدور التنموي المهم.

أول أمس الاربعاء صدر إعلان الحكومة باستحداث 99 بلدية جديدة والحجة انها -أي الحكومة- درست المطالب والملاحظات التي وردت إليها فقامت بخطوة الإضافة، ولكن تلك الخطوة لم تنهِ توتر البعض في الاطراف فتصاعد الاحتجاج بشكل غير مقبول وحضاري واغلقت الطرق في وجوه اساتذة ومرضى وكبار سن بما لا يخدم الهدف العام.

ومثل تلك المواقف لا يمكن ان يتم تناولها بمعزل عن الجو العام في البلد، هناك شعور بفقدان الثقة بالمؤسسات وهناك حالة ارتباك عند بعض المسؤولين، وثمة من يرى أن التجربة البلدية يمكن ان تكون المخرج من كل هذا، إلا ان البدايات لا تطمئن.

في المقابل يصعد السؤال عن النتائج، وعن الاستجابة المتوالية لمطالب الناس وعن كلفة القرارات التي اتخذتها اللجنة العليا للانتخابات البلدية، وعن منطق الرضوخ والتفكير بالاستسلام لمطالب التجزئة، فهل الحل الذي تم بتجزئة المتحد ارضاء للجهويات، سيشكل عبئا على الوطن وليس الحكومة.

الإنصاف يقتضي القول ان جزءا كبيرا من الأزمات والملفات كان نتيجة لتراكمات موروثة من حكومات سابقة. 

اليوم، مع أن الوعود الحكومية تبدو صعبة التحقق، إلا ان البقاء قد يعد فضيلة تحسب لها، لأن الصمود في وجه انتقادات عالية السقف في الشارع، قد يشكل دفعا لها للانجاز الأفضل، لكن على أن لا يكون ذلك الانجاز بتعطيل القانون وكسر هيبة الدولة، لأن الثابت اليوم أن هناك تغولا من المجتمع على الدولة، فالمجتمع اصبح يعين رئيس الجامعة، ويحدد شكل بلدياته، ويقرر حصته في الوزارات، ويفرض خياراته على الدولة، بحيث تصبح الدولة مستلبة له وتابعا كلياً لحركة المجتمع ورغائبه التي لن تنتهي.

الدستور