البحث عن "معالي"

البحث عن "معالي"
الرابط المختصر

من غير المفهوم لماذا يصر النواب على نزع اية نظرة ايجابية لهم من قبل قواعدهم الشعبية، واي تقدير لهم من قبل الساسة والمراقبين، لا بل يعملون على تشويش هيبة مجلس النواب ودوره التشريعي والرقابي.

فالاصرار العنيد الذي تعلنه كتل برلمانية يوميا عن رغبتها بالتوزير، لا بل واشتراطها منح الثقة للحكومة بتطبيق هذا التوجه، يدل فعلا على مدى ابتعاد النواب عن مزاج قواعدهم الشعبية، التي تعلن على الملأ رفضها فكرة توزير النواب، كما يعلن عن ذلك مجمل المشتغلين بالعملية السياسية.

بعد اكثر من اجتماع مع الكتل البرلمانية، اعلن رئيس الوزراء المكلف عدم الرغبة في توزير النواب، وأن هذه القضية يمكن تأجيلها للمرحلة المقبلة، ووصل الامر الى الحديث عن حكومة مختصرة، بعدد رشيق من الوزراء.

ما يقارب الشهر من المشاورات والاجتماعات، لم يخرج شيء للعلن سوى، هل يتم توزير النواب ام لا؟ وكأن قصة البلاد، وعلاج مشاكلها قضايا معلّقة في توزير النواب.

لم نسمع عن خطة إصلاحية من اية كتلة برلمانية، ولا روزنامة زمنية لمعالجة اية قضية معلّقة في البلاد، إن كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية، الكل يبحث عن "معالي" وكأن "سعادة" لا ترفع من وزن السادة النواب.

يعرف النواب جيدا، انعدام وجود آلية لتوزيرهم، او حتى امكانية ارضاء الكتل المتحركة ككثبان الرمل عند اول منعطف، او بيان، او حتى مناقشة عامة، وها نحن في الايام المقبلة، سوف نمضي اسبوعا في الاستماع الى اكثر من 120 نائبا في جلسات مناقشة عامة حول الموضوع السوري وقضايا محلية اخرى، فأين الكتل البرلمانية التي تقدم تصورا موحدا لرؤيتها حول اية قضية.

إنه الإعلام، و"الشو" الذي يبحث عنه السادة النواب، دقائق تلفزيونية، او صور وبيانات في الصحف، والمواقع الالكترونية، اهم بكثير من إغناء الحياة البرلمانية بما هو منتج، وبعد ذلك يتساءلون لماذا لا يحترم الناس والإعلام والسياسيون النواب وأداءهم البرلماني؟

لقد ضاع من عمر البلاد اكثر من شهر، ونحن ننتظر ان يخرج الترياق من مشاورات عقيمة وشكلية، مع ان المتشاورين انفسهم يعلمون انهم يحطبون في الهواء، وهم خارج نطاق التأثير، وتغيير بوصلة السياسات الاقتصادية والسياسية، فكيف ستنتج مشاورات بهذا الشكل والضعف، حكومة قوية، قوامها النواب، وبخطة حكومية لمعالجة مشاكلنا المزمنة، مسقوفة بالزمن وآليات التنفيذ؟

طبعا، ليست الطبخة الحكومية الاخرى افضل حالا، اذا كانت من دون النواب، فما يرشح من اسماء للحكومة المقبلة، (مع ان الرئيس ينفي الاتصال مع احد)، محبط، ويدعو للتشاؤم، وتكريس فكرة اننا لم نتعلم الدرس بعد، واننا واهمون أن ما يحدث عند غيرنا بعيد كثيرا ان يقع عندنا.

سوف نبقى نلعب بالنار، ونزيد الاشتعالات، ونحرق اصابعنا، ومع هذا نأمل ان لا تلتهم النيران كل شيء، فكيف يمكن أن يحدث هذا؟

العرب اليوم