البحث عن قرار شجاع ..

البحث عن قرار شجاع ..
الرابط المختصر

على الرغم من عدم وجود نفط أو غاز في باطن الأرض الأردنية، إلا أن ظاهرها قد يغرق فيهما، والقصة متعلقة بالخيارات الاستراتيجية ومفارقاتها العجيبة، حيث التحليلات تقودنا الى حيرة أردنية كبيرة عندما نفكر بالخيار الأنسب أردنيا للحصول على غاز أو نفط من الجوار الأردني، الذي تتضارب حساباته السياسية بشكل معقد، يلقي بظلاله على حيرة أردنية وتأجيل لاتخاذ القرار الأنسب بشأن التزود بمصادر طاقة، وذلك رغم سخاء العروض المقدمة من الجوار بناء على الحسبة السياسية المشار إليها.

الاستراتيجية الأردنية بعيدة المدى، عقدت العزم على خيار أكثر استقلالا، لكنه بدوره يواجه تحديات كبيرة، وهو خيار الطاقة النووية، الذي يتطلب بناء مفاعلات نووية سلمية للتزود بطاقة كهربائية، تعزز استقرار الأردن على المدى الأبعد، وتسهم الى حد كبير في استقلال قراره السياسي، الذي يتذبذب أو يؤثر الابتعاد عن كثير من قضايا المنطقة وحساباتها الأكثر تعقيدا، علما أن خيار الطاقة النووية مرفوض أمريكيا واسرائيليا وأوروبيا، كما تدلل الأحداث والتسريبات الإعلامية، وهو في الوقت ذاته خيار يحرك مياها راكدة في الجوار، ويحفز دول النفط والغاز لتقديم عروض أكثر سخاء، للحيلولة دون وجود مفاعلات نووية أردنية في المستقبل، تكون كلفتها السياسية أعلى من كلفتها الاقتصادية..

الخيارات الأردنية المعروضة أو الممكنة، كثيرة، وهي التي يمكن الاتفاق على أساسها مع دول الجوار الغنية بالنفط والغاز، وقبل أشهر طرحت إيران على سبيل المثال عرضا سخيا وممكنا سياسيا، ومقبولا اقتصاديا، وتم الحديث عنه على أساس التبادل التجاري بين البلدين، لكنه عرض «كغيره» يواجه تحديات دولية ومحلية كذلك، والتحدي الأصعب في انتقائه من بين الخيارات الأخرى هو سياسي بالدرجة الأولى، وهو ذات التحدي الذي يواجه العروض الاسرائيلية المشابهة، حيث الخيار الآخر المهم، باستيراد الغاز من اسرائيل والذي ستكون كلفته السياسية أكبر بكثير من كلفة الخيار الإيراني، ولا ننسى بالطبع الخيار العراقي الذي لا يلبث كثيرا على الطاولة، ليتراجع بسبب التوتر السياسي في العراق وحساباته الداخلية والخارجية المعقدة جدا، وهناك الخيار الخليجي القديم الجديد، الذي أصبح متلاصقا أكثر من غيره مع السياسة، وهذه هي القصة الحقيقية التي تدفع الأردن للبحث عن خيار أنسب، ينقذه من أزمة الطاقة وتداعياتها الأسوأ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي..

إذا؛ هذه صورة تقريبية عن الوضع الأردني ، حيث الخيارات متعددة وممكنة، لكنها في الوقت ذاته تحتاج لإرادة سياسية وذهنية استراتيجية بعيدة المدى، تتوخى الحفاظ على وضع أردني أكثر استقرارا وديناميكية في المنطقة بلا شك، لكنها يجب أن تهتم أكثر بحسم المشكلة الشاملة التي تتعاظم بسبب عدم وجود مصادر طاقة ذاتية..

الدستور

أضف تعليقك