الانتخابات والعبور إلى مرحلة جديدة
ما بين عامي 1989 – 2010 فترة زمنية طويلة حافلة، وإذا قورنت الفترة الزمنية نفسها بالتحولات الفكرية والسياسية التي جرت في دول أخرى كثيرة سنجد أننا ما نزال نقف على الأطلال! المشكلة ليست فقط في قانون الصوت الواحد، وربما يكون القانون ليس له علاقة أبدا، ومقارنة المجلس الحادي عشر (1989 – 1993) بما بعده من مجالس ليس مرده، بالضرورة، اختلاف القانون فقط.
وبالمناسبة (وهذا استطراد خارج الموضوع) فإن قانون الانتخاب للعام 1989 مؤقت، وأما قانون الصوت الواحد فقد مر بجميع المراحل الدستورية وأقر نهائيا في المجلس الثاني عشر (1993 – 1997)، لذلك فإن انتقاد قانون الصوت الواحد باعتباره مؤقتا ليس دقيقا، ومدح قانون 89 برغم أنه مؤقت يناقض الموقف من قانون الصوت الواحد، وبالطبع فإن العبرة بالعدالة، وليس شرطا للعدالة أن يكون القانون مؤقتا أو دستوريا! وليس بالضرورة أن تؤدي الديمقراطية إلى العدالة، وليس بالضرورة أن تؤدي إلى الحريات، وليس بالضرورة أيضا أن تؤدي الحريات إلى العدالة أو التنمية.
ويبدو لي أننا بحاجة إلى العدالة أكثر من الديمقراطية والحريات، وحتى مطالبة المعارضة بإصلاح القانون هي في حقيقتها مطالبة بعدالة غير ديمقراطية، فلا مجال لقانون عادل إلا بمبادرة من الحكومة، وإذا لم تكن العدالة رغبة سامية ومثالية لدى الحكومة فلن نحصل على قانون عادل، لأن القانون القائم (المؤقت) سيقر على الأغلب في المجلس المقبل إذا عرض عليه، ولو أعدت الحكومة على نحو مؤقت قانونا مثاليا وعادلا فإنه سيقر أيضا.
الأمل الحقيقي ليس معلقا على الديمقراطية مهما كانت الانتخابات نزيهة، ولكنه على رسالة مثالية للحكومة وإيمان صافي بالعدالة، ولا يمكن الرهان على الديمقراطية لأن الحكومة ستكسب ديمقراطيا، سواء قدمت قانونا عادلا أو غير عادل، وبرأي كاتب أردني (يبدو أنه ترك البلد أو لم يعد يكتب في الأردن) سيوافق البرلمان على أي قانون تقدمه الحكومة حتى لو كان فاتورة من أحد الفنادق.
بين جماهيرية متعلقة بالمستحيل ليس إيمانا به وبين حكومة (حكومة بمعنى الطبقة وليس مجلس الوزراء القائم على رأس عمله) فاهمةٍ للعبة وتوظفها جيدا تضيع الفرص الإصلاحية، ولا أمل سوى بصلاة استسقاء، أو الحكمة أو الإصلاح الذي يهبط علينا من الغرب، ولكنه (الغرب) محبط ومشغول بأزمته المالية والاقتصادية، فهي أعمق بكثير مما يبدو في وسائل الإعلام، وربما يحتاج الغرب إلى عقد من الزمان لتجاوزها، وسيملك القادة ومشاريع القادة فرصة عظيمة لتسويق الأحلام والآمال.
يجب ألا يستخف أحد بهذه الأعطيات، فهي أولا ما يبحث عنه الناس أغلبهم، ويفضلونها على حلول حقيقية، وهي بذلك وسيلة فاعلة للقيادة والتأثير يعرفها الطموحون والمشتغلون بالسياسة والإعلام.. والانتخابات!
الغد