الانتخابات قضية المجتمعات أكثر من الحكومة

الانتخابات قضية المجتمعات أكثر من الحكومة
الرابط المختصر

يفترض أن الحكومة ليست معنية سوى بنزاهة الانتخابات وتطبيق القوانين والأنظمة بعدالة، ولكن الانتخابات كعمليات ودعاية وتحفيز ومشاركة أو مقاطعة هي قضايا مجتمعية تخص بشكل أساسي المرشحين ثم الناخبين، فهي (الانتخابات) حق المواطنين وفرصتهم (يفترض) في تحديد خياراتهم ومستقبلهم، ولكنها ليست كذلك على الأغلب شئنا أم أبينا، كانت الانتخابات نزيهة أم غير ذلك، لسبب بسيط وواضح أننا (المجتمعات) معظمنا نبحث عن العدالة والمساواة وليس عن الحرية والديمقراطية، والوعود والخدمات التي نحلم بها من وراء المشاركة هي وإن كانت غير عادلة تعبر عن توقنا للعدالة والمساواة، وهذه هي القضية.

لا يمكن التفكير بحجم المشاركة والإقبال والمصداقية والنزاهة للانتخابات بالنسبة لمعظم المواطنين إذا لم تنعكس على فرصهم في تحسين حياتهم. ولما كانوا يائسين ومحبطين من إمكانية الحصول على هذه الفرص من خلال الأداء العام، فإنهم يتجهون إلى مرشحين غير ديمقراطيين وممارسات غير عادلة لأجل الحصول على العدالة.

الخطاب الانتخابي كأي خطاب سياسي أو اجتماعي او ثقافي يتجه في مسارين، أحدهما جماهيري يخاطب عواطف الناس وآمالهم، وآخر إصلاحي عقلاني يخاطب وعي الناس وأفكارهم، ويجب أن نعترف أن الأغلبية يصعب استقطابها للانتخابات والمرشحين من خلال رؤية إصلاحية وبرامج وسياسات تشريعية وتنموية للعمل العام.

ولا تحتمل أغلبية الناس الصراحة والحقائق حتى لو كانت صادقة تماما، وتفضل من يمنحها الأمل حتى لو كانت غير واثقة من صدق الوعود بهذه الآمال الزاهية، لسبب بسيط وواضح يدركه المسوقون والمعلنون أكثر من الإصلاحيين والتنمويين، مؤداه أن حلا سريعا وكبيرا وقريبا حتى لو كان وهما أو سرابا أجدر بالاتباع من حلول عملية بطيئة وغير حاسمة مهما كانت واقعية، وللسبب نفسه أقبلت الناس بمئات الملايين على البورصة الوهمية مفضلة إياها على الاستثمار في مشروعات حقيقية، حتى وهي واثقة من جدوى الاستثمار الحقيقي، وحتى وهي غير واثقة من صدق وعود البورصة، تماما كما تقبل بأعداد هائلة على اليانصيب والقمار.

فالمحبطون والطموحون والعاجزون عن الاندماج في بيئة العمل والإنتاج القائمة والفقراء فقرا مدقعا والذين خسروا أعمالا وموارد وفرصا ومكتسبات يبحثون عن الآمال وليس الحقائق، تماما كما يلجأ مريض مرضا مزمنا وميؤوسا منه إلى الحجب والوصفات الغريبة والعجيبة رغم أنه يحمل شهادات علمية متقدمة.

وهنا يجب أن نلوم أنفسنا أكثر مما نلوم الحكومة، والبحث عن سبب خارجي أيا كان لتبرير الفشل والعجز عن إيجاد برلمان قوي وفعال لا تتحمله سوى المجتمعات حتى لو أرادت الحكومة غير ذلك، وحتى لو أرادت الحكومة أفضل وأقوى برلمان فلا يمكنها أن تفعل ذلك من غير الناخبين والمجتمعات.

الغد

أضف تعليقك