الانتخابات بعيون دولية

الانتخابات بعيون دولية
الرابط المختصر

جزئية الدوائر الفرعية هي أكثر ما يتم انتقاده والتداول بشأنه من قبل المختصين والمتابعين الدوليين للشأن الانتخابي والديمقراطي الاردني، حيث تتم الإشارة لهذه الدوائر كسبب سيساهم بشكل رئيسي بإضعاف السلطة التشريعية التي تعاني أصلا ضعفا سياسيا مزمنا.

على المستوى الدولي نجد إشارات قليلة جدا لمقاطعة الإسلاميين للانتخابات، فموقف الإسلاميين يفهم للآن على انه سيؤثر بدرجة ما على تنافسية الانتخابات ودرجة المشاركة فيها، لكنه ما يزال موقفا غير مفهوم وغير مؤثر من ناحية سياسية وغير منسجم مع تاريخ الحركة الإسلامية في الاردن.

مصداقية الحركة الإسلامية وإيمانها بالتعددية لا بالتصعيدية باتت على المحك أيضا بسبب قرار المقاطعة، فلو كانت مؤمنة وملتزمة كل هذا الالتزام بدعم عملية الاصلاح السياسي لكان الايسر مثلا إلزام اعضائها في مجلس النواب المنحل بالاستقالة.

خبراء وأكاديميون دوليون، من أمثال كرتس راين وجيليان شدلر وشون يون وأنا بيترز وغيرهم، يقرون أن قانون الدوائر الافتراضية سيعزز مشاكل التحول الديمقراطي المتلكئ في الاردن لانه سيحول السلطة التشريعة لـ"مستقبل قرار" بدلا من أن تكون "صانع قرار ومشرعا".

الدوائر الفرعية ستنتقل بالانتخابات من عملية تنافسية مفتوحة كما يجب أن تكون، لعملية توزيع نفوذ وتفاوض سياسي، وهي تعتمد على "الحظ" في اختيار الدائرة الفرعية التي سيسهل الفوز بها. التقييمات الاكاديمية والبحثية المحايدة لهذا القانون تجعلنا نؤكد ان الاستمرار به سيكون كارثيا على الحياة السياسية في الاردن، ويجعلنا بمصاف انتخابات دول كالسودان وغيرها، لذا فلا بد من تغيير هذا البند الانتخابي، إما من خلال تقسيم الدوائر الافتراضية جغرافيا أو من خلال اعتماد صيغ أخرى أكثر احتراما لذكاء المجتمع الأردني.

التحليلات الدولية وبحكم جمهورها تتناول بوضوح الدور غير البناء للمجتمع الدولي في إطار جهود الدمقرطة في الشرق الاوسط والاردن والتي تأرجحت ما بين محاولة املاء الديمقراطية الى محاولة "تشجيع" خطوات ديمقراطية محددة عن طريق ربطها بالمساعدات.

الخلاصة الواضحة فيما يتعلق بدور المجتمع الدولي هي أن سقفه لا يمكن أن يتجاوز تطوير عملية صناعة القرار وإكسابها درجة من الانفتاح، لكن فقط ضمن الحدود التي يتم رسمها من قبل الحكومات المختلفة.

هذه نتيجة منطقية ويبدو ان المجتمع الدولي تعلم من اخطائه بعد تجربة بوش في إملاء الديمقراطية وفشلها باستخدام "الشرطية" بغية مقايضة المساعدات بخطوات ديمقراطية محددة، والمجتمع الدولي مقتنع الان ان هناك علاقة طردية ما بين قلة الحديث عن الديمقراطية وبين تقدمها.

تجدر الإشارة ايضا ان بعض التحليلات الدولية استشراقية بحتة تغفل بعض البدهيات، والأخطر انها احيانا تنظر للتنمية السياسية في الاردن على انها متعارض طبيعي مع البناء السياسي الاردني، متجاوزة حقيقة سياسية راسخة بأن مساعي الدمقرطة في الاردن لا تتخالف او تتعارض مع البناء السياسي ومؤسساته، وإنما تسعى لتمكين الناخب الاردني وزيادة مشاركته وتقوية المجلس التشريعي سياسيا، واكساب عمليات صنع القرار مزيدا من الانفتاح والشفافية وبالتالي الجودة.

الغد