الانتخابات البلدية بعد "النيابية"

الانتخابات البلدية بعد "النيابية"
الرابط المختصر

التأجيل يوفر الفرصة لتعديل القانون وضمان إشراف الهيئة المستقلة على العملية الانتخابية .

لم يكن أمام الحكومة من خيار سوى تأجيل الانتخابات البلدية, ولم يكن بوسعها ايضا تحديد موعد بديل منذ الآن. لكن الحكومة تفكر بتحديد موعد " قريب " للانتخابات كما صرح الناطق الرسمي باسمها. 

أنصح الحكومة أن لا تستعجل في هذا الأمر وتعد للألف قبل الالتزام بموعد للانتخابات, واعتقد انها ستصل لهذا الاستنتاج ما ان تفتح ملف البلديات, لأنها ستكتشف ان هناك تعقيدات ومشاكل يتعذر معها اجراء الانتخابات قبل اعادة النظر بقانون البلديات.

الطريقة التي أدارت فيها الحكومة السابقة الملف كانت كارثية بحق, فقد خلقت واقعا مشوها, لكن بالنسبة لتجمعات سكانية كثيرة فإن البلديات التي جرى تفريخها بالعشرات أصبحت بمثابة حقوق مكتسبة لا يمكن التنازل عنها مادام القانون بصيغته الحالية قائما. هذا يعني ببساطة ان الحكومة عند الشروع في مراجعة الملف ستضطر للقبول بالامر الواقع والتسليم باستحداث أكثر من مئة بلدية جديدة. عندها يصبح السؤال مشروعا: ما جدوى تأجيل الانتخابات اذا كانت قرارات الحكومة السابقة ستبقى سارية من دون تعديل? 

البديل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو المباشرة فورا في مراجعة قانون البلديات بدل اضاعة الوقت في البحث عن حلول غير متوفرة لورطة الاستحداثات.

وتستطيع الحكومة من الآن تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير البلديات المهندس ماهر ابو السمن - وهو لحسن الحظ من أصحاب الخبرة في هذا المجال - تتولى إدارة مشاورات مع النواب والأعيان والفعاليات الشعبية لتجاوز عقدة المادة خمسة في القانون واعادة النظر في اقتراحات بديلة للتمثيل تَقَدّم بها نواب وخبراء لمجلسي النواب والاعيان كان الاخذ بها كفيلا بتجنب الفوضى التي مررنا بها في الاسابيع الماضية.

هذا الخيار يعني تأجيل الانتخابات البلدية لما بعد النيابية, اي إلى نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل. ولا اعتقد اننا سنسمع احتجاجات من المعارضة على هذا الخيار لسببين; الاول: ان التأجيل يضمن اشراف وادارة الانتخابات من قبل الهيئة العليا المستقلة التي ستكون واقعاً قائماً في ذلك الوقت, الامر الذي يوفر أعلى درجات النزاهة للانتخابات. الثاني: أن معظم القوى السياسية والحراكات الناشطة لاتنظر إلى الانتخابات البلدية باعتبارها ركناً اصيلاً من عملية الاصلاح السياسي, مقارنة مع الانتخابات النيابية مثلا, واذا اتخذ قرار التأجيل في سياق عملية تشاور واسعة مع تلك الفعاليات فإن ذلك كفيل بكسب تأييدها للقرار.

كما أن التأجيل لسنة تقريبا سيوفر للحكومة فرصة ترتيب اوضاع البلديات وتجهيزها لانطلاقة جديدة, اذ يمكن خلال هذه الفترة تسوية ملف الديون التي تثقل كواهل البلديات, ووضع قواعد واضحة ومتفق عليها سلفا لفك الدمج والاستحداث وخطة مدروسة للنزاعات التي يمكن ان تنشأ عن قرارات الفصل في المستقبل.

بخلاف ذلك فإن اجراء الانتخابات بعد شهرين او ثلاثة ووفق الاوضاع القائمة حاليا سيفقد قرار التأجيل مبرراته, ناهيك عن احتمال تجدد المطالبات باستحداث بلديات جديدة , اي اننا سنعود إلى حالة الفلتان التي سادت قبل اسابيع.

العرب اليوم

أضف تعليقك