الاستعراض الدوري الشامل للأردن: تقرير حكومي في مواجهة 10 تقارير للمنظمات غير الحكومية

الاستعراض الدوري الشامل للأردن: تقرير حكومي في مواجهة 10 تقارير للمنظمات غير الحكومية

في 24 تشرين أول 2013 ستخضع الأردن للاستعراض الدوري الشامل (Universal Periodic Review) لدى مجلس حقوق الإنسان للمرة الثانية، وقد سبق ان خضعت له في 9 شباط 2009 وأسفر عن موافقة الأردن الصريحة على 41 توصية من الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان الأمر الذي يستتبع تبني الدولة الأردنية للخطط والاستراتيجيات اللازمة من أجل العمل على تنفيذها. ولعل أبرز الخطوات المطلوبة مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير والمتطلبات الواردة في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان وتحسين الجهازين التشريعي والقضائي، والنهوض بحقوق المرأة وغيرها من الفئات المهمشة وتعزيز التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والالتزام بتقديم التقارير الدورية للجان الاتفاقية في موعدها والحد من التعذيب وتوفير سبل انتصاف قانوني فعال للمحتجزين وحماية حقوق العمال الأجانب وغيرها من التوصيات المتعلقة بتحسين مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

التقرير الأردني المقدم في الوقت الحالي يقع على 32 صفحة، حاول أن يُبين أهم الإجراءات المتخذة لتنفيذ التوصيات السابقة. الإشارة إلى التعديلات الدستورية التي تمت في 2011 كان لها نصيب الأسد مثل النصوص المتعلقة بحظر التعذيب وحماية الأمومة والطفولة وإنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات وإنشاء المحكمة الدستورية وغيرها.

وفيما يتعلق بمواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والمصادق عليها حسب الأصول، فقد أشار التقرير الى أن هذه الاتفاقيات جزء لا يتجزأ من التشريع ولها أولوية في التطبيق إذا تعارضت مع القوانين الوطنية. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لم يسبق ان صدر اجتهاد عن محكمة التمييز يقضي بأولوية تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان عند تعارضها مع القوانين الوطنية.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الأردن، أشار التقرير إلى تدفق اللاجئين وضرورة توفير الموارد الماليـــــة اللازمة لنشر ثقافة حقــــوق الإنســــان وتدريب الكــــوادر الوظيفية في المؤسسات المعنيـــــة ومواصلة العمل مع كافة الجهات المعنية سواء حكومية أو خاصة أو مؤسسات مجتمع مدني للتغلب على بعض المحددات الاجتماعية التي تتعلق بموروث اجتماعي اخذ في التلاشي كما هو في عادات اخذ الثأر وما يسمى بجرائم الانتقام للشرفوالحاجة لبذل مزيد من الجهود على صعيـــــد تمكيـــــن المرأة سياسياً وزيادة مشاركتها فـــي الحياة العامة عددياً ونوعياً وتمكينها اقتصادياَ وتضييق الفجوة بيـــــن الجنسين في مجال المشاركة الاقتصادية.

التقرير أغفل مجموعة من القضايا المهمة مثل حجب المواقع الإلكترونية الإخبارية وضعف قانون ضمان الحصول على المعلومات وعدم احترام نصوصه من قبل الجهات المعنية وبقاء قانون منع الجرائم واختصاص محكمة أمن الدولة وضعف الحماية المتوفرة للعمال الأجانب وحرمان المرأة الأردنية من نقل جنسيتها لأبنائها عندما يكون زوجها غير أردني وسيطرة الحكومة على النقابات العمالية والاعتقال الإداري وغيرها من الأمور الشائكة.

لكن الذي يُميّز هذا الاستعراض بالمقارنة مع الاستعراض الأول هو وجود نشاط كبير لمنظمات المجتمع المدني في إعداد التقارير وتقديمها من خلال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. تقدمت 4 تحالفات وطنية بتقاريرها، منها تحالف انسان، إضافة إلى مجموعة من التقارير الفردية مقدمة من قبل منظمة العفو الدولية وكرامة لحقوق الإنسان ومركز حماية حرية الصحفيين والمبادرة الدولية للقضاء على العقاب البدني للأطفال ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان ومراسلون بلا حدود.

مما لا شك فيه ان مهمة الخارجية الأردنية ستكون شاقة بسبب المشاركة الواسعة لمنظمات وطنية متخصصة في شؤون محددة مما يجعلها قادرة على توفير قدر كبير من المعلومات الدقيقة التي تضع الكثير من فقرات التقرير الوطني موضع الشك أو على الأقل تسلط الضوء على مبالغة الحكومة فيما يتعلق بتبنيها للتوصيات والاثار المترتبة على التعديلات الدستورية ناهيك عن 6 تقارير مقدمة من منظمات دولية غير حكومية تتمتع بالمصداقية والمهنية العالية.

*محامي وأكاديمي أردني عن المفكرة القانونية اللبنانية

أضف تعليقك