الاخوان والمقاطعة وكلفة الغياب

الاخوان والمقاطعة وكلفة الغياب
الرابط المختصر

موقف الإخوان المسلمين الذي انتهى بقرار مجلس شوراهم مساء الخميس بمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، يعكس أزمة الحركة ويعبر عن الضعف الذي أصابها في الآونة الأخيرة جراء تعميق الانقسام واختلاف الرؤى.

والقرار الذي جاء بعد أن شاركت الحركة الإسلامية في اربعة مجالس نيابية منذ الانفراج السياسي وعودة الحياة الديمقراطية للاردن عام 1989، لن يكون في مصلحة الحركة، التي بقيت وظلت دوما محل تقدير واحترام مهما بلغت ذرى التوتر بينها وبين الحكومات.

تاريخ الأحزاب الأردنية حين يكتب، فإنه لا يمكنه أن يتجاهل الحركة الإسلامية التي قامت في رحم زمن الاستقلال وسارت مع الدولة في رحلة بنائها، ولعل المصوتين على قرارالمقاطعة لا يدركون جيدا المعاني الوطنية التي ظلت تلازم عمل الحركة طوال العقود الماضية.

ومع أن قرار المقاطعة يظل خيار حزب، إلا أن الثابت لدى مؤرخي الأفكار والأحزاب، أنه في لحظة تحول المجتمعات والسلطة نحو الديمقراطية، فأي فصيل أو حزب أو تجاه يقاطع أو يحتجب، فإن مصيره الخسارة وليس الربح، وسيحتاج لزمن لتجاوز عقدة الغياب.

تاريخيا شارك الإخوان الدولة والمجتمع همومهما وتحدياتهما، وكانوا حاضرين في الزمن الجديد منذ العام 1989 باستثناء غيابهم العام 1997، وفي رصد مسارات الحركة الإسلامية في الأردن، ينبغي أن يُعطى العامل السياسي دورا مهما في التحليل، كما تعطى مسألة الثقافة والحركة الوطنية وتاريخها اهمية قصوى في التأريخ وتتبع مسار الأفكار، وتولى القضية الفلسطينية بتطوراتها ونتائجها أولوية عند رصد التأثيرات التي ألقت بظلالها على فكر إخوان الأردن، الذي يرى كثيرون أنه صودر لصالح البحث عن خلاص ورغبة في الخروج من أزمة فلسطين ولو عبر الأردن.

تبدو حركة الإخوان المسلمين في الأردن اليوم بصورة مخالفة لما كانت عليه في لحظة التأسيس، والتغيير الذي أصابها، ويلقي بظله الثقيل عليها اليوم، يجعلها تبدو وللمرة الأولى (ربما) بعد أكثر بعد 65 سنة من تأسيسها، في حالة مغايرة لما كانت عليه، إذا انتقلت من موقع الحليف إلى الند، وبالطبع فإنها حالة تدعو إلى القلق عندما يتحول تجمع سياسي واجتماعي كبير إلى حراك لا يعبر عن الجدل الداخلي الحقيقي أو التطلعات والاحتياجات التي ينتظرها المواطنون منه.

يرى الزميل إبراهيم غرايبة أن الحركة في مواقفها وقراراتها ومشاركتها السياسية "ستصبح مشوبة بالظن"، مع الاحتمال بأنها تعكس مؤثرات خارجية ورغبات إقليمية. ونقطة التحول عند الحركة يرصدها الزميل محمد أبو رمان بالعام 1990 أي مع عودة قادة حماس من الكويت للأردن، وتغلغلهم في جسم الحركة وصولا للعام 2002 وإحكامهم القبضة على الحركة.

ومع أن حماس كان موقفها مغايرا لقرار مجلس الشورى الأخير، إلا أن أثرها الذي غرزته لا يمكن إنهاؤه بالشكل الذي عُبر عنه مؤخرا، وإذا ما غاب الإخوان فإنهم بحاجة لمشوار طويل لتخفيف أعباء الغياب، الذي ما كان له أن يحصل لولا عمق انقسامهم.