الإصلاح وسيادة القانون وفلسفة العفو العام

الإصلاح وسيادة القانون وفلسفة العفو العام
الرابط المختصر

أقر مجلس النواب قانون العفو العام قبل يومين، بعد أن أدخل تعديلات طفيفة جدا لا تصل إلى المستوى الذي طالب به بعض السادة النواب بأن يشمل العفو العام عدة مخالفات وقضايا وبشكل عفو كامل مثل قضايا التهرب والمخالفات الجمركية والإختلاس وغيرها من الجنح. قانون العفو العام كما أقر من المجلس يشمل أيضا جرائم القتل العمد بشرط إسقاط الحق الشخصي، اي تقريبا كافة جرائم القتل بحجة الشرف!

العفو العام هو إرادة ملكية سامية يتم طرحها أحيانا كأداة لتبييض السجون ومنح المخطئين فرصا جديدة في الحياة وإزالة بعض الغرامات والمخالفات على مواطنين خارج السجون، ويتم صياغته بطريقة تضمن العفو عن أصحاب التهم الصغيرة والذين قضوا وقتا من محكوميتهم كما يشكل غالبا الجنح والجرائم السياسية- إن جاز التعبير- وإن كان في هذه المرة لم يشمل الموقوفين من السلفيين وأصحاب الفكر الجهادي. ولكن التنفيذ أحيانا يحدث بطريقة سلبية وغير متلائمة مع قيم الإصلاح التي نتحدث عنها يوميا وربما يكون أهمها سيادة واحترام القانون.

اشارت الحكومة في تصريح قبل اسبوعين-أعتقد شخصا بأنه غير موفق- إلى أن قانون العفو العام سوف يؤدي إلى استفادة حوالي مليون ونصف أردني، وهذا ليس أمرا يستحق الأعجاب في حال كان 20% من الشعب الأردني مرتبطين اجتماعيا بطريقة أو بأخرى بشخص مرتكب للجرائم والمخالفات ومتجاوز للقانون. وما يزيد من سلبية الموضوع أن بعض النواب وقوى سياسية أخرى طالبت بتوسعة نطاق العفو العام ليشكل عدة جرائم وجنح اقتصادية تتضمن غرامات مستحقة لخزينة الدولة وبمبالغ كبيرة!

من المهم أن لا يتم إعتبار العفو العام خطوة متكررة تعني مسامحة المخطئين ومرتكبي الجرائم وبالتالي إعطاء تصور اجتماعي خاطئ بإمكانية ارتكاب مخالفات وجرائم ترقى إلى مستوى القتل ومن ثم الإنتظار إلى أن يتم إقرار العفو العام لمسح التهمة. العفو العام ليس بوابة تهرب من المسؤولية القضائية ولكنه مكرمة لإعادة بناء الحياة ويجب أن يتم التعامل معها بمنتهى الجدية والاستفادة منها إلى أقصى حد خاصة وأن الأبعاد الإنسانية في العفو العام ارتقت على حقيقة وجود غرامات لا تقل عن 100 مليون دينار لخزينة الدولة في ظرف اقتصادي صعب جدا.

هنالك الكثير من الأسر التي سوف تتحرر من رهن «التنفيذ القضائي» والملاحقات الامنية التي تطارد رجالها ومعيليها بسبب أخطاء ومخالفات تمت في السابق وهؤلاء أشخاص يستحقون فرصة أخرى وكذلك عائلاتهم التي لا تتحمل مسؤولية أعمالهم، وفي المقابل هنالك اشخاص سيعودون إلى حياة شبه طبيعية بعد ارتكاب جرائم قاسية أدت إلى وقوع ضحايا وفقدان حياة لاشخاص آخرين، وهؤلاء ينبغي عليهم استيعاب العبر وقضاء كل ما تبقى من حياتهم في محاولة لإصلاح ما ارتكبوه من أخطاء عن طريق بدء حياة جديدة من الفضيلة والنزاهة والقيم الأخلاقية العالية، لأن هذه الفرص لا تسنح دائما.

مبروك لكل من شملهم العفو العام، ولكل عائلاتهم متمنين لهم أن يصبحوا عنصرا إيجابيا في حياة المحيطين بهم ويعوضوا بالسلوك القويم عن أخطائهم السابقة داعين الدولة إلى عدم التساهل مطلقا مع اي شخص يستفيد من العفو العام ويعود ويمارس الجنح والجرائم مرة أخرى!

الدستور

أضف تعليقك