الإصلاح وحركة البناء

الإصلاح وحركة البناء
الرابط المختصر

في الوقت الذي نتابع فيه مجمل الخطوات والجهود الإصلاحية المتمثلة بفتح ملفات الفساد، فإننا نميل للتذكير بأن حركة البناء، تحتاج لوقفة جادة تتناول بإطارها العملي السعي للوقوف على استقامة العمل في مجال التوسع العمراني، لأن بعض الأبنية تنفذ بطريقة نرى أنها تفتقر لأهم الاحتياطات، بخاصة ما يتعلق بمبدأ الحفاظ على نقاء البيئة.

أشرنا فيما مضى إلى طابع النزعة التجارية في المشاريع الإسكانية، ولإيضاح هذه النقطة، نقول أن شريحة من المقاولين، يبادرون بشراء قطع أراضٍ قد لا تزيد مساحتها عن دونم واحد، حيث يقيمون فيها عمارة “عامودية” متعددة الطوابق، وبمجموعة من الشقق التي قد تزيد عن العشرين شقة، ثم يتم بيع الشقق للمواطنين، الذين يكتشفون بعد فترة وجيزة، ضيق المساحة بينهم وبين العمارات المجاورة، ولهذا فإن تراكم هذا المشهد في معظم الاحياء والمدن الأردنية، يمهد لمرحلة من “الاختناقات” التي نحسب أنها ستشوش على المزاج العام.

ما نلمحه في أكثر من اتجاه، هو أن حالة التداخل في المهام والواجبات بين البلديات من جهة والدوائر المعنية بالحفاظ على نظافة البيئة من جهة أخرى، يؤدي (لغياب التنسيق والرقابة الوقائية). من المفيد القول هنا، بأن منهجية التخطيط، تندرج ضمن أولويات العمل بالنسبة للتوسع العمراني، ومن خلال هذه النظرية، يتم رسم السياسات، وتخصيص الأماكن التي تصلح لإقامة الأبنية السكنية، وتهيئتها بمتطلبات البنية التحتية، ومن حسنات هذا الجهد، هو أن البلديات تحرص على تحمل مسؤولياتها المستقبلية بالاتجاه الذي تتراجع فيه المنغصات الاجتماعية، وتتجلى من خلاله جماليات المكان.

في الأعوام الأخيرة، ازدادت نسبة مخالفات البناء والمتمثلة بعدم مراعاة الشروط المنصوص عليها في الرخصة التي تمنح في العادة من قبل البلديات لصاحب الورشة، وعند تتبع هذه الظاهرة، نتأكد من أن عدم الالتزام بالارتدادات التي تحقق شروط التهوية، يعود إلى قناعة صاحب المشروع بان هذا الوضع يعالج بدفع قيمة الغرامة التي تفرضها البلدية عادة، وهي قيمة تكون متواضعة قياسا على المردود المتوقع من حجم العمل، ومن الواضح بأن التجاوزات التي تنفذ في هذا الميدان، تتم في جنح الظلام، بالرغم من أن صاحب العمل يبلغ بممنوعية ذلك أثناء الدوام الرسمي.

في ظل الانشغال الرسمي بالأوضاع السادة، فإن هنالك خشية من تفشي هذه الممارسات، والمؤمل هنا هو: أن تنبه المشاهدات اليومية لأزمات المرور وحركة المشاة، لأمرين: الأول، أن مفهوم العشوائية يغلب على معظم المشاريع الإسكانية، إذ تتجاور الأبنية الشاهقة، وبدون توفير “متنفس لأطفال الأحياء” أو مواقف تكفي للحد الأدنى من السيارات المتوقع وجودها.

أما الأمر الثاني، فهو ضرورة تفعيل دور السلطة التقديرية لرئيس البلدية في هذا المجال، إذ يستدل بأن حالة الاكتظاظ بين العمارات، ستحول دون وصول سيارة اطفائية أو إسعاف فيما إذا اقتضت الحاجة لذلك.

الدستور

أضف تعليقك