الإسلاميون والدولة..عودة للحُضن أم تحالف مرحلي؟

الإسلاميون والدولة..عودة للحُضن أم تحالف مرحلي؟
الرابط المختصر

منذ اتفاقية السلام التي قيل أنها ستأتي "بالسمن والعسل " والمؤشر نحو الهبوط في الاتجاهات السياسية والاقتصادية، رافقه عجز في الإرادة والإدارة على عدة صُعد.

في الفترة التي سبقت الربيع العربي، عوّل قِلة من الأردنيين على وعود الحكومات بالإصلاح، فيما عوّلت الأغلبية على إمكانية التغيير والإصلاح من خلال رافعات النظام بتعدد تلك الرافعات، حيث شعر بعض المتفائلين أن هناك نية لإبعاد بعض النخب خاصة تلك التي تحوم حولها شبهات فساد وإفساد، إلا أن قدوم الربيع العربي غير الأولويات، فكان على النظام لتجاوز المرحلة أحد أمريين: إما التحالف مع الاسلامين كما حدث عام 89 أو الإبقاء على ذات النخب واجترارها مرة أخرى.
وبالفعل تم استبعاد الخيار الأول، كونه قفزة في المجهول في ظل عدم وضوح الرؤيا في المنطقة وخاصة على الجانب السوري والمصري في ذلك الوقت، وايضا لأن اي محاولة لإقصاء بعض الشخصيات أو مساءلتها، قد تذهب بهم للمعارضة في ظل تنامي السُخط الشعبي!!.

وكنتيجة لذلك، تراكمت الأزمات، وفشلت الدولة في تحقيق أي تقدم في الواقع الاقتصادي والسياسي، فضلاً عن باقي المسار التي ترتبط بهما، فانجر المشهد لحلقة مفرغة من التمحورات والتكتلات على أُسس بعيدة كل البعد عن الاصلاح، رافقه دخول رأس المال بداية من بوابة التشريع ومن ثم لداخل الحكومات، ليكون الشعب هو الخاسر الأكبر، ليس ذلك فحسب، وإنما الحياة السياسية بشكل عام، لتستحيل إلى منطقة رمال متحركة تنذر بتدني الحال في ظل انهيارات فظيعة في البنى السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

تلك الانهيارات غذتها النخب التقليدية، التي قادت الحكومات والمناصب الهامة في الدولة خلال العقدين الماضيين، وأدت إلى إنشاء عجينة رخوة وغير متماسكة تسهل بقاء من تشاء أطول فترة ممكنة، مما أعطى مؤشر واضح على أن برامج الحكومات بغض النظر عن رئيسها وممارساتها ما عادت تغري بالبقاء أو الاستقطاب، علاوة على أن الخطابات والمخرجات السياسية للشخوص السياسية المجترة، باتت متآكلة سياسيا وفكريا ولا تلبي اهتمامات الشارع، لا بل تزيد في حنقه، إذ يدور النقاش ذاته حول الموضوعات ذاتها بالوسائل ذاتها التي لم تتجدد منذ عشرين عامًا.

مع تزايد الحديث عن ما يسمى صفقة القرن " وهي بالمناسبة ليست صفقة بمعنى نقاط وبنود، ولكن رشح أنها مجموعة مقترحات أمريكية سعودية بخصوص القضية الفلسطينية، وسترفضها إسرائيل في نهاية الأمر أو تلتزم الصمت حيالها كما في كل المبادرات والاقتراحات التي قدمت طوال القرن الماضي، مع أنها مهمة لها، من حيث ترسيخ جاهزية الدول الخليجية للتقدم تجاه إسرائيل جهاراً نهارا، لكنها أي إسرائيل تريد أكثر من ذلك وتراهن على عامل الوقت الذي هو في صالحها منذ مؤتمر بازل عام 1897حتى اليوم.

 

المقترحات السعودية الأمريكية تجاهلت وحاولت القفز عن الدور الأردني " لتراجع أهمية الأردن بالنسبة لبعض دول الخليج بعد أن أصبح تواصلها مع إسرائيل مباشرة ومن خلف ظهر الأردن، وبعد النظر بتواضع لأهمية الأردن في نظرية الأمن الإسرائيلية التقليدية.

 

في ذات السياق، يجزم المعنيون والمراقبون، أن الموقع الجيوسياسي للأردن سيفرض نفسه على ما يدور في الغرفة الأمريكية السعودية، إضافة للانتفاضة السياسية الأردنية الملحوظة من حيث تنويع أو توسيع التحالفات الخارجية وكذلك التحالفات الداخلية.. فبالرغم من عدم إنكار عناصر الاشعال والالتهاب التي تراكمت عبر عقدين وصبت الشخصيات والنخب على نارها المزيد من الزيت، إلا أن الناظر للسياسة الحالية يلاحظ أن النظام، يتجه للقفز عن الأزمات والتراكمات من خلال إعادة التعاطي مع القوى الداخلية بطريقة مغايرة لما جرى في السابق، خاصة مع الإسلاميين، من حيث تخفيف القيود وتوسيع مشاركتهم أو عودتهم لأخذ دور أكبر، بصورة قد لا تصل لما كان عليه الحال قبل أربعين عاما، لكنها تعد خطوه في ذلك الاتجاه، بدءًا من الانتخابات الطلابية والنقابية وليس انتهاءًا بتمثيل أوسع في البرلمان القادم، والأهم هنا.. السماح لهم بالتحرك على الأرض لضبط الإيقاع الشعبي كي يتناغم مع الإيقاع الرسمي في ملف القدس تحديًا "هو ملف بالنسبة للأردنيين جميعًا قضية أمن وطني أردني" إضافة للاعتبارات الدينية والقومية.

الانفتاح على الإسلاميين أو التحالف معهم ليس جديدًا، فقد كان وثيقا منذ موجات الامتدادات الناصرية والقومية واليسارية، والتحولات السياسية التي اجتاحت المنطقة في في ستينيات القرن الماضي، وحسابات بعض المخاطر التي قد تترتب على التحرك الأردني سواء داخليًا أو خارجيًا، ما زالت حاضرة على طاولة صانعي القرار ولم تحسم بشكل قاطع، فيما أبدى الإسلاميون ابتهاجهم للتقارب معهم وأبدوا جاهزيتهم للعب دور ما، إن أُعطوا ذلك الدور.