الأردن ومحرّكات التغيير
رعى جلالة الملك عبدالله الثاني فعاليات إطلاق واحد من البرامج الإستراتيجية المتميزة التي تحاول استشراف مستقبل الأردن عن طريق منهجية من تعزيز البحث العلمي والتكنولوجيا والاستجابة لأهم التحديات التي تؤثر على صياغة مستقبل العالم والمنطقة ، من خلال حملة "فرسان التغيير في مواجهة محركات التغيير".
البرنامج الذي يعتبر فريدا ومتميزا على مستوى العالم قامت بتطبيقه دولتان من اشد دول العالم نموا ونهوضا وهما الصين وتركيا ، والآن يبدأ الأردن في خوض غمار هذه التجربة العلمية والاجتماعية من خلال مدينة الحسن العلمية التي تمثل الصرح العلمي الذي يفخر به الأردن ومن خلال إشراف فكري من سمو الأمير الحسن بن طلال وإدارة تفصيلية من قبل الأميرة سمية بنت الحسن التي تحقق حضورا متميزا في السنوات الأخيرة في قيادة برنامج النهضة العلمية والتكنولوجية في الأردن.
يمكن للأردن أن يستفيد كثيرا من هذه التجربة. سوف يتم استخدام منهجية تشاركية تعمل على اجتذاب كافة فئات المجتمع للعمل الجماعي في دراسة التأثيرات التي سوف تتسبب بها سبعة محركات تغيير رئيسية في العالم والمنطقة وهي المياه وتغير المناخ والطاقة والنفايات والفقر والنمو الحضري والديناميكيات السكانية في خمسة أبعاد وهي السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية والاجتماعية.
القيمة الأساسية للبرنامج والتي تضاف إلى كونه جهدا استشرافيا للمستقبل تكمن في أنه مرتبط بنشاطات من التوعية والاتصال سوف تساهم في نشر المعرفة والثقافة والمشاركة العامة حول هذه القضايا التي غالبا ما يقتصر نقاشها على المتخصصين أكاديميا بالرغم من أنها تؤثر على نوعية الحياة لكل فرد في المجتمع.
البرنامج يعتمد على طرح أسئلة مثيرة حول المستقبل تتعلق بنوعية الحياة ويحاول إيجاد الإجابات من خلال الأبحاث العلمية والتطورات المختلفة في كافة القطاعات وارتباطها بالأردن مما سيوفر الكثير من المعلومات والملامح التي يمكن من خلالها اتخاذ السياسات والقرارات الصحيحة للاستجابة لهذه التساؤلات والتحديات ، وكل ذلك ضمن إطار منهجي من البحث العلمي السليم.
لا يزال دور البحث العلمي والتطورات التكنولوجية في اتخاذ القرار الرسمي والخاص والاجتماعي وفي مجالات التوعية العامة أقل بكثير مما هو مأمول في دولة تأمل في تحقيق النهضة الحضارية المطلوبة. ونتمنى أن يتم استثمار هذا البرنامج الجديد لتعزيز مساهمة البحث العلمي في التخطيط على كافة المستويات في الأردن والذي يتمتع بمكانة وقاعدة علمية وبحثية متميزة على المستوى الإقليمي وحتى على مستوى الدول النامية ، ولكنها لم تستثمر بالشكل الكافي نظرا لوجود فجوة لا بد من تجاوزها بين حلقات صنع السياسة وبين مخرجات البحث العلمي.
الدستور