الأردن والكويت.. مأزق النموذج الديمقراطي

الأردن والكويت.. مأزق النموذج الديمقراطي
الرابط المختصر

بين نظامي الحكم في الأردن والكويت أوجه تشابه كثيرة؛ ملكية هنا تحظى بالإجماع الوطني، ونظام أميري هناك يلقى تأييدا من الأغلبية. وفي البلدين برلمان يملك صلاحيات تشريعية ورقابية دستورية.

لكن تجربة الكويت الديمقراطية ظلت أنموذجا عربيا متميزا، وبينما كان الأردن يرزح تحت أحكام عرفية، كانت في الكويت انتخابات برلمانية حرة ونزيهة.

منذ بداية عقد التسعينيات من القرن المنصرم، لحق الأردن بالكويت. ورغم حالة القطيعة التي طبعت علاقات البلدين بعد الاحتلال العراقي للكويت، إلا أن الديمقراطية البرلمانية ظلت صفة مشتركة بينهما.

بيد أن النموذجين الأردني والكويتي، على ما فيهما من تميز مقارنة بدول عربية وخليجية، يواجهان اليوم تحديات غير مسبوقة بفعل التحولات الهائلة التي يشهدها العالم العربي بعد الثورات الشعبية في مصر وتونس واليمن وليبيا. والدول الثلاث الأولى كانت الأقرب سياسيا لنظامي الحكم في الأردن والكويت.

الديمقراطية البرلمانية بصلاحياتها المحدودة في الأردن والكويت، لم تعد قادرة على احتواء مطالب وطموحات القوى السياسية والاجتماعية. في الكويت، حُلّ البرلمان عدة مرات خلال عامين، وارتفع سقف المطالب، واقترب نظام الحكم من الصدام مع الشارع الذي نجحت قوى التغيير في حشده قبل يومين بأعداد غير مسبوقة.

في الأردن تبدو المواجهة أقل حدة، لكنها مفتوحة على كل الاحتمالات. فرغم حلّ البرلمان والتوجه إلى إجراء انتخابات مبكرة، إلا أن مناخات التأزيم مرشحة للاستمرار.

وفي الحالتين الكويتية والأردنية، يبرز قانون الانتخاب كصاعق تفجير محتمل. فالتعديلات التي أدخلها أمير الكويت على القانون هي التي دفعت بعشرات آلاف من الكويتيين للنزول إلى الشارع احتجاجا. وقانون الانتخاب الجديد في الأردن كان هو أيضا عنوان الانقسام الوطني في البلاد ومقاطعة الانتخابات.

ومثلما اختلف الأردنيون في تقدير أعداد المتظاهرين في مسيرة "إنقاذ وطن" التي دعت إليها الحركة الإسلامية قبل أسابيع، تباينت التقديرات في الكويت؛ المنظمون قالوا إنها زادت على 200 ألف متظاهر، بينما قدرت مصادر مستقلة عددهم بثلاثين ألفا.

وجه الشبه الوحيد بين المسيرتين هو وجود عناصر من الأمن الأردني في مواجهة المتظاهرين على حد زعم المعارض البرلماني الكويتي وليد الطبطبائي، الذي صرح لوكالات أنباء بأن المتظاهرين في الكويت سمعوا رجال أمن يتحدثون اللهجة الأردنية أثناء المواجهات بين الطرفين.

الكويت دولة صغيرة وغنية، يزيد دخل الفرد السنوي فيها على خمسين ألف دولار.

لكن الرفاه الاقتصادي على أهميته لم يجلب للكويت الاستقرار السياسي والاجتماعي، لدرجة دفعت بمحللين كويتيين إلى القول إن بلادهم "تتجه نحو المجهول"، في وقت تزايدت فيه التوقعات بإعلان حالة الطوارئ، مهد لها مجلس الوزراء الكويتي بقرار يحظر على أكثر من عشرين شخصا التجمع في الشوارع والساحات العامة، بعد إعلان المعارضة نيتها تصعيد تظاهراتها في الشارع.

الوضع في الأردن مختلف؛ فالاقتصاد مرشح لأن يكون سببا إضافيا للأزمة في الشارع، مع توجه الحكومة إلى رفع الدعم عن سلع أساسية.

الكويت ساندت الأردن اقتصاديا، وقدمت للخزينة ربع مليار دولار ضمن برنامج الدعم الخليجي. لكن البلدين يحتاجان في مثل هذه الظروف إلى تبادل الدعم والمشورة في المجال السياسي للمحافظة على نموذجي الحكم في البلدين، وتفادي "المجهول.

الغد

أضف تعليقك