الأردن في 24 كانون الثاني 2013

الأردن في 24 كانون الثاني 2013

يمنح وصف الملك لعملية التحول الديمقراطي في المملكة بأنها ليست بالمثالية التي نتمناها، وهذه طبيعة الأمور، حافزا قويا للنظر في العملية السياسية الجارية بقدر من النقد والمراجعة والرؤية النسبية أيضا. فالنتائج وإن كانت ليست مثالية، إلا أن الإقرار بالنسبية هو في حقيقة الأمر عملية نقد ومحاولة إصلاح دائمة لا تتوقف.

وهذا يعني سلفا أننا لا نشعر بالركون التام لمجريات الانتخابات النيابية مهما كانت نزيهة وديمقراطية، لأن الديمقراطية في حقيقتها تعبير عن البحث الدائم عن الأفضل والأكثر صوابا، وإقرار مسبق بعدم الركون. فلو كنا نعرف تماما، ونشعر برضا تام، لما احتجنا الى انتخابات ابتداء؛ فالانتخاب يعني أننا نحاول البحث عن الأفضل.

ولذلك، يجب القول ابتداء إن الأردن لن يكون في 24 كانون الثاني (يناير) الحالي مكتمل الحريات والتقدم السياسي والاقتصادي. هل نستطيع في الأيام القليلة المقبلة أن نجعل النتائج أفضل ما يمكن؟ المستقبل يصنع صناعة، وليس سيناريو حتميا ننتظره بسلبية!ثمة ما يمكن تقديره واستنتاجه مسبقا من ملاحظة قوائم الترشيح على المستوى الوطني والدوائر الفردية، وهو أنها انتخابات عادية وليست "ثورية".

ولكن، ثمة ما هو مختلف أيضا؛ فتجربة القوائم منحت فرصة لنشاط وحراك على مستوى وطني، وثمة اهتمام وإقبال كبير جدا يفوق التصور على القوائم الوطنية. ولعل ذلك من إحدى سلبيات القوائم الوطنية، ولكنه إقبال ونشاط يؤشر على فرص وإمكانات لعمل انتخابي يتجاوز الروابط القرابية والدائرة الصغيرة.

وفي جميع الأحوال، فلن توسع الانتخابات كثيرا في مجالات وصول وصعود مجموعات سياسية جديدة، وإن كان متوقعا كما هو في كل مجلس نيابي أن يتقدم على المستوى الفردي عدد كبير من القيادات السياسية والاجتماعية العصامية!ويجب القول إن مقاطعة معارضات سياسية للانتخابات لم تكن ذات أثر كبير في هذا المجال؛ بمعنى أن مشاركتها لن توسع المجال لقيادات وأفكار وشخصيات جديدة، فهي (المعارضات) تعكس في معظمها الحالة التقليدية وشبه الراكدة في النخب السياسية، وفي ذلك حسنات وسيئات على أية حال.

ولكن الحراك الانتخابي لم يعكس الحراك الإصلاحي والفكر السياسي الذي تشكل في السنتين الماضيتين، وهذا تقديري الذي قد يكون مخطئا.

وربما نحتاج إلى أن ننتظر ونراقب المجلس الجديد لنرى إلى أي مدى عبر عن الحراك الإصلاحي في تقديمه لأفكار ومجموعات وشخصيات كانت تواجه الإقصاء والتهميش، أو في طرحه لهموم وأولويات كانت تعاني من التجاهل وعدم الاعتبار.

الانتخابات حتى في عدالتها ستعكس حال المجتمعات التي وإن كانت تتطلع بلهفة إلى التغيير، فإنها لا تملك بعد النخب التي تحقق ذلك، وستكرس "الديمقراطية" الحال غير الديمقراطية.. ولا نلوم سوى أنفسنا!

الغد

أضف تعليقك