الأردن في عين العاصفة

الأردن في عين العاصفة
الرابط المختصر

تصريحات وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل، بأن أمريكا لا تريد التدخل العسكري في سورية، لا يعني أنها لا تسعى ان تكون هناك عمليات محدودة، نقطة انطلاقها الأردن، أو أن واشنطن لا تتوقع مهام محددة على الأردن تلبيتها.

فمعروف أن أمريكا لا تريد عملية عسكرية كبيرة، بما يتطلبه ذلك من قوات برية ، مثيلة بغزو العراق، لكن كل التصريحات والتسريبات أشارت ، الى أن واشنطن تريد " تأمين الأسلحة الكيميائية" ، لمنع النظام السوري من استعمالها، ومنعها من الوقوع في أيدي عناصر معادية لإسرائيل في حالة سقوط النظام- وبرأيي هي حجج للسيطرة على الأسلحة السورية، ومستقبل سورية.

وهذه النوايا ليست بجديدة وإن كان أكدها وزير الدفاع الأمريكي في شهادته أمام الكونغرس، لكنها تضع على كاهل الأردن تحمل مسؤولية و تبعات هذه الأهداف، مستغلة الأزمة الاقتصادية والمخاوف أن يمتد العنف عبر الحدود إلى قلب الأردن.

واشنطن لا تفضل التدخل العسكري المباشر لإسقاط النظام السوري، بل تضييق الخناق على النظام ، لإجباره على قبول تسوية سياسية ، تنتهي برحيل الرئيس بشار الأسد، في حين تقوم بتهيئة البديل من أجنحة المعارضة السورية التي تعتبرها " معتدلة" على حد وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي كان صريحاً في أن واشنطن تريد من الأردن مساعدتها في دعم الأطراف "المعتدلة" ومواجهة الأطراف "المتطرفة". أي إدخال الأردن كطرف في معادلة متفجرة، لأن واشنطن تسعى إلى توظيف الأردن للتدخل في وقت يشعر الأردنيون بقلق يتعمق كل يوم على استقرار البلاد وقدرة حمايتها من العواصف الإقليمية من كل صوب، فالإدارة الأمريكية لا تهتم إلا بمصالحها، وإن كانت "تحرص" على استقرار النظام، فإنها تتوقع من الحكومة الأردنية التوافق مع سياساتها وأهدافها، و تأمين صمت الأردنيين.

الإدارة الأمريكية، تتوقع من الأردن ، إنهاء رفع الدعم الحكومي على مشتقات المحروقات والكهرباء، وبالتالي استمرار رفع الأسعار، وفي الوقت نفسه التورط في سورية، و تسهيل استئناف مفاوضات فلسطينية - إسرائيلية، بما في ذلك استضافة الاجتماعات التمهيدية في عمان، من دون إنهاء الاحتلال ، وفي الوقت نفسه تتوقع من الحكومة الحفاظ على الاستقرار و احتواء المعارضة الشعبية - فما هو مفهومها بالضبط لدعم الأردن ونظامه؟

على كل المسؤولية تقع على الدولة الأردنية، فأمريكا تتصرف كإمبراطورية، تتوقع الطاعة ، أما الدولة الأردنية، التي يحق لنا أن نسأل عن دورها المنكمش باضطراد، فهي عليها طمأنة الأردنيين ومكاشفتهم ومصارحتهم حول قرارات سيتحملون تداعياتها.

الخطوط العريضة لإستراتيجية واشنطن، التي وجدت في التطورات في المنطقة، بعد الدخول الخليجي- الغربي على خطوط الثورات العربية بغية إجهاضها، فرصة تاريخية لفرض قبول إسرائيل في المنطقة، وترسيخ فكرة أن إيران هي الخطر الرئيس في المنطقة من خلال إحياء محاولات قديمة جديدة في تشكيل تحالف إسرائيلي عربي ضد الخطر " الشيعي الإيراني".

لذا فإن تصريحات هيغل ترافقت مع دعمه للموافقة على صفقات أسلحة جديدة لكل من إسرائيل والسعودية والإمارات، آخذة بعين الاعتبار تأمين استمرارية التفوق العسكري الإسرائيلي، تحت ذريعة موجهة الخطر الإيراني.

لن أدافع عن الدور الإيراني، سواء بالتواطؤ خلال الغزو الأمريكي للعراق، أو من خلال الإسهام في بث الفكر والممارسات الطائفية، لكن الدول العربية ،خاصة الخليجية، ليست بريئة من زرع الطائفية وصنع وتمويل جماعات التعصب والتطرف قديماً وحديثا حسب ما نحتاجه كمتطلبات الحفاظ على أنظمتها ومنع أنظمة تقدمية من النشوء في العالم العربي.

الأردن في عين العاصفة، و لا شك أن وضعه صعب ، لكن المواجهة الحقيقية تبدأ في احترام مخاوف المواطنين وعقولهم، فما الفائدة من ضمان تأييد أمريكي، لا يهتم سوى باستغلال دور وظيفي للأردن، إذا كان الثمن الشعور بالأمان و امتهان كرامة الأردنيين والمجازفة بمستقبلهم؟

العرب اليوم

أضف تعليقك