الأحزاب وهذه الانتخابات
انضمت الجبهة الوطنية الموحدة الى كل من التيار الوطني وجبهة العمل الاسلامي باعلانها خوض الانتخابات بقائمة حزبية. وبانتظار ان تتخذ احزاب المعارضة اليسارية والقومية مثل هذه الخطوة فاننا سنكون امام مشهد مختلف للانتخابات المقبلة.
لا اتجاهل العوائق والعقبات التي تحول دون رؤية "انتخابات برامج متنافسة" في البلد, مثل صعوبة خوض حملة برامجية في ظل قانون الصوت الواحد والدوائر الصغيرة, التي تشجع اسلوب الترشح الشخصي والعشائري فيما عملية الترشح باسلوب القائمة هو اشبه بالنحت في الصخر.
ادعو الى ممارسة هذا النوع من (النحت) امام واقع انسداد الافق في وجود قانون انتخابات عصري. وذلك افضل من لعن الظلام, والاعتكاف وانسحاب الاحزاب من العملية الانتخابية حتى يأتي الاصلاح الذي طال انتظاره.
خوض الانتخابات باسلوب القوائم سَيُدْخِل روحا جديدة في المعركة الانتخابية, حتى ولو كانت النتيجة غير مشجعة, فالمهم في مثل هذه المرحلة الصعبة, ليس تسجيل رقم عال في نسبة المرشحين الفائزين من القوائم من مختلف التيارات الحزبية, انما تحفيز الرأي العام للتوجه, او للتفكير في تغيير سلوكه الانتخابي القائم على الولاءات القائمة (النصف او الربع عشائرية) تجاه مرشح بعينه, بينما يتم شطب جميع الاعتبارات الاخرى عند اختيار المرشح, بما في ذلك الكفاءة والقدرة على تمثيل الوطن قبل تمثيل الحارة.
الانتخابات تمثل فرصة ايضا للاحزاب لامتلاك ارقام احصائية لا يطالها الشك حول عدد الناخبين الذين يؤيدون مرشحي الاحزاب, من ينجح منهم او من لم يصل الى قبة البرلمان. فمعيار قوة الاحزاب في جميع الدول الديمقراطية لا تتقرر بالفوز باغلبية المقاعد, انما بنسبة حضورها بين الناخبين. صحيح ان قانون الصوت الواحد والظروف المحيطة بالمعركة الانتخابية تُضْعِف القدرة التنافسية للاحزاب في الانتخابات الا ان نجاح 30 او 40 نائبا ضمن القوائم الحزبية للمجلس المقبل, هو بمثابة تقدم كبير نحو تعزيز المطالب باصلاح النظام الانتخابي.
في اروقة الحكومات, كانت تتكرر دائما مقولة ان الاحزاب هي المسؤولة عن ضعفها, وان جميع منتسبيها, لا يصل عددهم الى 8 الاف شخص. وفي حالة خوض جميع التيارات الحزبية الانتخابات المقبلة في نظام القوائم, فان بالامكان بعد الانتخابات جمع الاصوات التي نالها المرشحون, الذين يصلون الى مجلس النواب, مع الاصوات التي نالها الذين فشلوا, ليكون بالامكان معرفة عدد المؤيدين لمرشحي القوائم الحزبية بين ممارسي التصويت. وبالتأكيد سيكون عددهم, اكبر بكثير مما تحرص الاوساط الحكومية على تداوله.
احزاب القرن الحادي والعشرين, في العالم, ليست كما كانت في بدايات ومنتصف القرن الماضي تعتمد على تسجيل العضوية. فالحزب في كل بلد ديمقراطي هو واجهات من النخب وممثلي قوى المجتمع يقفون خلف برنامج شامل يخوضون به الانتخابات ضد البرامج المنافسة بحيث يقرر الناخبون المستقلون, وهم عادة بالملايين, التصويت لبرنامج من دون غيره. فالاحزاب العصرية هي برامج وعناوين قوائم انتخابية قد تشكل قبل شهر من الانتخابات. وهذا بعض ما طالبت به في مقالاتي, عندما طرح قانون الاحزاب الجديد, وكذلك قانون الانتخابات.