اعتدال نهائي للمزاج الشعبي تجاه سورية
أقصد المزاج الشعبي الأردني بالذات، الذي شهد تبدلات كبرى متدرجة منذ سنتين ولكن بشكل خاص في السنة الأخيرة. لقد أثبت الأردنيون أنهم يحبون سورية ويقلقون عليها، وعند الجدّ يعرفون أن العدو واحد. ولعل رؤيتهم لطبيعة الحلف الذي يخوض الحرب ضد سورية هو الدافع الرئيسي لاعتدال مواقفهم، أي انه اعتدال عقلاني بالدرجة الأولى.
أولاً اسمحوا لي أن أتبنى تقسيم المواقف كالتالي: "ضد سورية" مقابل "مع سورية"، لأن التقسيمات الأخرى التي تدور حول (الثورة والنظام) لم تعد كافية أو مجدية؛ فهناك فريق من داخل النظام، لا يمكن تصنيف موقفه إلا بالضد من سورية، بل إن خراب السنوات الأخيرة قبل الأزمة، تم على يديه، ومن اللافت أن مدير هذا الفريق يعمل الآن "عند" فؤاد السنيورة! وبالمقابل هناك فريق في الثورة يجهد للابتعاد بنفسه عن مآلات هذه "الثورة".
في الأسابيع الأخيرة، شهدت عمان بما فيها وسط المدينة عدة تجمعات ومسيرات كان عنصر التضامن مع سورية بارزاً فيها، وهذا جديد، بالمقابل لم تعد النشاطات المعادية لسورية تحظى بالاستقبال الذي كان، وقد تكررت هذه الظاهرة بشقيها في العديد من المدن الأردنية.
لم يعد أنصار سورية يشعرون بـ"العزلة" التي عانوا منها في بداية الأزمة، لقد كانوا يجدون أنفسهم دوماً بحاجة لأن يبرروا ويشرحوا موقفهم وأن يكثروا من الاستدراكات، أما الآن فهم يعلنون موقفهم بلا تردد، وهم على ثقة بأن الصورة عند المتلقي واضحة. بالمقابل فقَدَ خصوم سورية مشاعر الانتشاء والثقة، وغدا صوتهم مربكاً حتى لو استمر عالياً، لقد صار عليهم هم أن يفسروا مواقفهم.
اليوم يمكن القول، انه مهما كانت مسارات الأزمة، فإن المعركة صارت بالغة الوضوح، وهذا أمر بالغ الأهمية.
العرب اليوم