إن كانت الدولة تفكر بهذه الطريقة، هذا أمر جيد يسهم في استعادة الداخل لروحه المنهكة، ما يعطي حافزا لاسترداد الخارج وإعادة تفعيل أوراق القوة بيد الدولة، الحديث ايجابي ومنطقي إن وجدت الإرادة والأرض الصلبة لتحقيقه !
لكن، مِن مَن يسترد الداخل ؟ وكم قبعة تليق برأس واحد؟
العنوان " استرداد " جاء من لقاء الصديق ماهر أبو طير مؤاخراً مع أحد الفضائيات .
لكن الاسترداد يتطلب إنتاج " انقلاب أبيض " في طريقة تكليف وعمل الحكومة والمؤسسات وإعادة " تموضع " أهدافها لتكون أكثر خضوعا للرقابة وضوحاً واستدامة لا فردانية أو انتقائية في تطبيقها، كما تتطلب فتح أبواب الصراحة لإجابة الأسئلة الضائعة لما لها من دور في حماية الأردن.
هذه الأفكار تتطلب الابتعاد عن تضخيم الذات، وأكاذيب البيانات والصور والفعاليات والأغاني الوطنية الصارخة والمقالات، التي تدعو إلى الانكفاء باعتبار "الأردن أولاً" دون النظر للإقليم ومدى تأثير أحداثه على الداخل بكل مستوياته السياسية والأمنية والاقتصادية والمجتمعية.
لكن ماذا لو " فُرضت " إدارة #الضفة_الغربية على #الأردن كشرط للاسترداد، ألا يكون الفعل استدارة كاملة لصناعة دولة جديدة دورها التنسيق لا القيادة في الإقليم - قلت الإقليم يا أستاذ ماهر - تتسيدُ فيه #إسرائيل .
البيانات لا تطلق الرصاص !
ألا يعني الاسترداد داخلياً، إجابة الأسئلة: أين ذهبت الأموال؟ ولماذا وصلت أرقام المديونية إلى هذا الحد؟ وما الهدف من إنتاج الهيئات المستقلة خارج رحم الوزارات حتى صارت مستقلة بذاتها؟ ألا تتطلب الكثير من القرارات والإرادة، لإدارتها إذ لا مجال للخطأ لأن الفعل يصير خطيئة وطنية، استرداد يُدشن بترشيق الوزارات وفتح ملفات الفساد، وإطلاق سراح الحريات، إضافة إلى اخراج معتقلي الرأي مع إنهاء الوصاية الأبوية على #مجلس_النواب وأجهزة الدولة، وإعادة فتح ملف القواعد العسكرية الأجنبية وقوانينها المستقلة وأهدافها ؟
ليكن الاسترداد عنوان لصناعة الدولة وترتيب ملفاتها، لا رجاء واستدرار للعواطف المستهلكة !
هذا جزء بسيط من الجبل، الذي هز الدولة - دع عنك أكاذيب قوة مؤسسات الدولة وتاريخها وعراقتها، ما يجري أكبر من الأنظمة ذاتها في المنطقة - وساهم في إضعاف موقعها داخليا وخارجيا، حتى صارت عرضة للتهديد لا بالتهجير الذي يرتعدون من مشاريعه بل بالاحتلال و الشطب .
هذا من جانب !
من جانب آخر، كل وزير إعلام - ناطق رسمي - جاء إلى الكرسي قال أن حكومته تفكر في بناء أجندة إعلامية تتسق ومسارات الدولة، وما أن يرحل حتى يكتشف الجميع الكذبة التي تنشئ كرداء آني من تصريحات المستهلكة، فلماذا لم تنشأ " جبهة إعلامية " حقيقية لمواجهة المشاريع القادمة.
غدًا يخرجون بعنوان جديد: نحن - سوف - نعمل - على هيكلة الإعلام، وربما استرداده !
انهم يكذبون، بل يتقنون الكذب !
أليس من العار أن تجد الصحفي والكاتب والإعلامي الأردني قادر على التدقيق والتحليل في كل التفاصيل الخاصة بالإقليم من سوريا إلى لبنان ومن فلسطين إلى العراق ومن الإمارات إلى #السعودية ومن الجزائر إلى #مصر و السودان ومن تركيا وإثيوبيا إلى إيران ومن داخل السلطة الفلسطينية إلى داخل عصابة الاحتلال .... ومن عقل ترامب إلى مزبلة نتنياهو، لكنه لا يملك القدرة أو الرغبة على فهم عقلية رئيس الوزراء الأردني أو وزير المالية أو وزير الإعلام أو وزير سابق....... دون ارتداء ثوب الانكفاء العنصري باعتباره الناصية الوطنية الحق والهوية المبتغاة.
بصراحة
الكاذبون كثر من أجل المواقف والمكاسب والصادقين قلة !
لكن، لنعترف، الدولة الأردنية مصابة بأزمة إنكار وأفكار عميقة وعقيمة، كما أن الشعب مصاب بأزمة ثقة لا تنفع معها اشتراطات التجميل الحكومي.
ربما يأتي من بعيد أحدهم ليقول: الأردن بخير " نعم الأردن بخير " لكن الشعب صامت، هذا الصمت مرحلي لا أحد يقدر على التنبؤ بنتائجه أو العبث به كما لا يمكن استرداده لأن الفعل بذاته مأساة.
الأردن بخير لان التهديدات - الصفقات - مازالت قابلة للنقاش، ملقاه على أرصفة العرض الدولي للقبول أو الرفض قبل أن تتحول إلى صفعات. وفي كلتا الحالتين النتيجة سلبية، تتطلب استعادة الداخل من خلال إعادة تعريفه بواسطة فتح الملفات الكبيرة وإعادة مليارات الدولارات التي اختفت أو سرقت أو هُربت دون مخافة من الله أو الدستور أو القانون أو الأجهزة الرقابية أو الشعب الذي لم يسرق شيء لأنه لم يرى شيء. دون الاتكال على حجج تهديدات الاقليم، لان الفعل يضمن استقرار الدولة والنظام داخليا وخارجيا، ماليا واقتصاديا و وجوديا.
الأردن بخير لأننا نرى النار من بعيد، لكنها باتت تقترب، الأردن بخير، لأن النار ... لم تشتعل في " أثوابنا ".... يقول الشاعر نصر بن سيّار:
أرى تحت الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكى وإن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام











































