استثمار الترقب الشعبي الأردني

استثمار الترقب الشعبي الأردني
الرابط المختصر

الارتياح الرسمي لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، ينبغي أن يكون حافزا أقوى لنا للمباشرة بإجراء الكثير من الخطوات الإصلاحية الملحّة، لا أن يكون هذا الارتياح طريقا لإضاعة الفرص والمماطلة وكسب الوقت.

فالدولة أكّدت للمعارضة أنها ليست هشّة. وحفظُ هيبة الدولة دافع للتعجيل بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من موقع قوة واقتناع بأهميتها، لتجديد العقد الاجتماعي بين المجتمع والدولة.

هذا يعني، إذا تحرينا الواقعية السياسية، التأكيد على أهمية "الإصلاح من أعلى" وعدم التقليل أبداً من هذه الأهمية تحت أي حجة وذريعة، حتى لو كانت "الشرعية الشعبية" وضغط الشارع.

وتحت سقف هذه الواقعية، ينبغي، في المقابل، ألا ننسى أنه لطالما رغبنا في الأردن أن نكون أنموذجاً في الإصلاح السياسي والاعتدال في المنطقة العربية، وليس أنموذجاً في القدرة على التهرب من استحقاقات الإصلاح السياسي والالتفاف عليها.

اليوم، تبدو ثنائية الدولة-الإخوان معادلة غير قادرة على وصف الواقع الأردني وتفاعلاته وآفاقه وظروفه وشروطه.

لكن هذا ليس فتوى لتكتيف الأيدي والاسترخاء والاستقواء؛ فالمهمة غير الناجزة ما تزال هي إرساء حياة برلمانية رشيدة، تفرض على الحكومة اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة تحارب الفساد، وتكفل حكم القانون، وتضمن المساواة والشراكة في المواطنة والثروة وصنع القرار.

إذن، تساؤل الكثيرين خارج الأردن، ممن لا يعرفون بالضرورة طبيعتنا وأولوياتنا وطموحاتنا الوطنية، عن سرّ الوصفة الأردنية في القدرة على تجنّب استحقاقات "الربيع العربي"..

كلام لا يثير فينا بالضرورة الفرحة والرضا؛ فنحن كثيرا ما قلنا إننا أول من تنبّه في المنطقة إلى أهمية الإصلاح الديمقراطي، وخضنا ربيعا أردنيا قبل الجميع ومنذ عقود.

إذن، حالة الترقب الشعبي بعد الانتخابات النيابية الأخيرة فرصة للقيام بإصلاحات اقتصادية وفيما يتعلق بقانون الانتخاب، ليست تحت الضغط. ومن غير ذلك سنعود مجددا لفكرة أن الشارع أجدى من البرلمان.

أعتقد من المهم لدوائر صنع القرار أن تتنبه إلى هذا الأمر.وعليه، فمن الأهمية والموضوعية والاتزان عدم اعتبار "الربيع العربي" لحظة أو مرحلة وانتهتْ، بل على العكس من ذلك، هو موجات ستبقى تتفاعل وتشتبك، ولن يستقر لها شكل أو قوام واضح أو محدد قبل سنوات.

من هنا، تبدو متسرّعةً تلك القراءات التي تنظر إلى الاضطرابات في دول "الربيع العربي" واحتدام الإشكالات الاقتصادية والسياسية والأمنية فيها، وكأنها المعادل الموضوعي لأي دعوات شعبية للإصلاح السياسي.

الاستثمار الحقيقي في مرحلة الهدوء والترقب الشعبي الأردني عقب إجراء الانتخابات والمشاورات بشأن حكومة برلمانية مستقرة، يتمثّل في سدّ فجوة أن العنصر الشبابي وقوى الحراكات الشعبية والشبابية غير ممثلين في البرلمان الجديد، ومن الأهمية جعل هؤلاء في بؤرة الاهتمام وعلى رأس الأولويات، والاستثمار فيهم كمنجم مستقبلي لصناعة النخب والقيادات الوطنية المتمرسة.

وقد صرّح رئيس مجلس النواب الجديد سعد هايل سرور بأن ترميم العلاقة مع الرأي العام الأردني وإصلاحها أولويةٌ ومهمةٌ عاجلة.

هذا يستلزم عدم تهميش هؤلاء الشباب، بل التفكير الجاد في استيعابهم في أقنية تتيح لهم الفاعلية والمشاركة التي تلبي مطالبهم وتحفظ حقوقهم وتجنبهم الغبن.

الغد

أضف تعليقك