إسرائيل تحارب "التوجيهي"!

إسرائيل تحارب "التوجيهي"!
الرابط المختصر

تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الوحش، حول الأنباء التي تحدثت عن تسريب بعض أوراق امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، جاءت من باب تقصي الإثارة والغموض، ومبتورة، ربما على أمل إبقاء الأردنيين مشدودين إلى متابعة ما تأتي به "حلقات" تصريحاته المقبلة.في غضبته على القائلين بتسرّب الأسئلة، فتح الوزير النار في جميع الاتجاهات، خصوصا على ما سماها "دكاكين" و"عصابات" تمارس أعمالا تشكل واحدا من أوجه "خيانة الوطن".

الوحش كاد أن يسترسل في اتهاماته لتطال "إسرائيل"، مثلا، وكاد أن يتهمها بأنها تقف وراء "الأنباء الهدامة" التي تسعى إلى النيل من سمعة الامتحان العريق!السيد الوزير، وقبل أن ينهي تصريحاته، لم ينسَ أن "يغمز" من قناة الإعلام المحلي الذي يتابع سير الامتحان، وأن يدعوه، مثل أي مسؤول أردني آخر، إلى "توخي الدقة والمهنية في نشر أي معلومات مغلوطة وغير دقيقة حول امتحان الثانوية".

يحق للسيد الوزير أن يدافع عن إجراءات وزارته في تسييرها لشؤون امتحانات "التوجيهي"، وأن يتهم الإعلام بأنه غير مهني، ولكن، هل يحق له أن يغمض عينيه عن بعض وسائل الإعلام التي التقت طلبة، بأسمائهم الصريحة، أكدوا أن أسئلة امتحان "أساسيات الإدارة"، تم تسريبها قبل الدخول إلى قاعات الامتحان؟

وهل يجوز أن يضرب بتصريحات نقيب المعلمين النائب مصطفى الرواشدة، عرض الحائط، وهو الذي أكد أن أسئلة الامتحان جرى تسريبها قبل بدء الامتحان؟ ونقل على لسان رؤساء قاعات تأكيدهم أن "نموذج الأسئلة المسرب قبيل الامتحان، متطابق مع أسئلة الامتحان الذي قدمه الطلبة".

هذه معلومات مهمة، ينبغي للسيد الوزير أن يتعامل معها بجدية وحرفية، لا أن يلجأ إلى إطلاق الاتهامات في كل اتجاه، من غير أن يجري تمحيص الأمر بشكل دقيق وعميق. فمجريات الأمور لا تقول إن الأسئلة تم تسريبها من داخل قاعات الامتحان بتصويرها بواسطة جهاز خلوي، كما يرجح الوزير، بل تقول إن التسريب جاء في مرحلة سابقة لدخول القاعات، ما يخفّض "قائمة المتهمين"، ويضع علامات استفهام كبيرة على الموضوع.

نحن هنا لا نتهم أحدا بعينه، ولكن على وزارة التربية والتعليم، والجهات المعنية بالأمر: هيئة مكافحة الفساد، ووزارة الداخلية، ومديرية الأمن العام، أن تتعامل مع المعطيات المتوفرة حول تسرب أسئلة الامتحان بجدية أكبر، وأن لا تلجأ، كما هي العادة، إلى التشكيك في الأنباء، والتخوين، ورمي الإعلام بتهمة "عدم الدقة".

لقد أصبحت جملة "نطالب الإعلام بتحري الدقة" أشبه بـ"كلاشيه" جاهز لدى العديد من مسؤولي الدولة، يردون بها على جميع المعلومات التي لا تلتقي مع رؤاهم وتوجهاتهم، ولكنّ المحيّر في الأمر، أن الأيام كانت تكشف، غالبا، عن أن كثيرا من المسؤولين لم يتحروا، هم أنفسهم، الدقة والموضوعية والشفافية، في ردودهم على تلك الأنباء.

الغد

أضف تعليقك