أيهما أفضل بقاء النسور أم رحيل حكومته؟
منذ ثلاثة أيام "ختم" الدكتور عبدالله النسور سنته الأولى في"الدوار الرابع". خلال هذه السنة شكل النسور الحكومة مرتين، وأعاد تشكيلها مرة ثالثة. في"الأولى" كان مرشح القصر، وقد سرت موجة ارتياح عند اختياره، فأشرف على الانتخابات النيابية، واتخذ حزمة من القرارات الاقتصادية الصعبة وغير الشعبية.
في المرة الثانية كان مرشح الأغلبية النيابية، ونال ثقة البرلمان بعد مواجهة معقدة مع تيار نيابي عريض.بعد أشهر عاشت فيها البلاد في ظل حكومة مصغرة، عاد النسور وأجرى تعديلا وزاريا موسعا، كان أقرب لإعادة التشكيل، وضم عناصر تكنوقراطية وتقدمية لفريقه الوزاري.
في إطار خطة الإصلاحات التي انتهجتها الدولة، من المفترض أن تستمر الحكومة في أداء مهمتها مادام البرلمان مستمرا، أي أربع سنوات. وقد أكد الملك عبدالله الثاني على هذا المبدأ أكثر من مرة، لكنه، وفي إحدى أوراقه النقاشية وضع شرطين لبقاء الحكومة؛ دعم الأغلبية النيابية، والقبول العام من الشعب.
تركيبة مجلس النواب، ومواقف اعضائه المتغيرة، وكتله الهلامية تجعل من الصعب على المتابعين رصد حجم الداعمين والمعارضين للحكومة، إذ لايمكن التكهن بالنتيجة إلا في لحظة التصويت في حال طَرْح الثقة بالحكومة. ومع ذلك يسهل على المراقبين حاليا ملاحظة وجود تيار نيابي واسع يكيل الانتقادات للحكومة كل يوم، ولا يتردد أقطابه عن التهديد بطرح الثقة مع بدء أعمال الدورة البرلمانية الجديدة الشهر المقبل.
ويجزم سياسيون أنه في حال استمر المزاج النيابي تجاه الحكومة على ماهو عليه اليوم، فإن الحكومة ستواجه خطر حجب الثقة تحت القبة.في الشارع، ورغم عدم توفر نتائج استطلاع رأي علمية حول شعبية الحكومة، إلا أن الرسالة تقرأ من عنوانها كما يقال؛ فلا تكاد تسمع من مواطن كلمة طيبة واحدة بحق الحكومة ورئيسها على وجه التحديد. في العموم هناك حالة من السخط العام على سياسات الحكومة وقراراتها الاقتصادية.
الأمر ذاته ينطبق على النخب السياسية،والتي لاتجد من بينها من يدعم استمرار الحكومة على هذا الحال.اللافت فيما يمكن وصفه بموجة العداء الشعبي،أنها موجهة،وبخلاف حكومات سابقة،ضد شخص رئيس الوزراء أكثر من كونها موجهة ضد الحكومة بمجملها.
استطلاعات الرأي حول شعبية حكومات سابقة،كانت تظهر على الدوام تفوق رئيس الوزراء على أعضاء فريقه الوزاري. لست متأكدا أن النتيجة هذه ستتكرر مع حكومة النسور لو أجري استطلاع مماثل هذا الأسبوع.يحضر في الذهن تفسير واحد لهذا الوضع،وهو ان رئيس الوزراء قرر منذ اليوم الأول أن يتحمل بنفسه المسؤولية الكاملة عن قرارات الحكومة غير الشعبية،ويتصدى للدفاع عنها على جميع المنابر،دون أن يضع في حسابه ردود الفعل في الشارع،فكان من الطبيعي أن ينال النصيب الأكبر من النقد والنقمة الشعبية.
لكن هناك ولأول مرة من لا يدعم خيار التغيير الحكومي، بعدما تبين للجميع الآثار السلبية المترتبة على التغيير المستمر للحكومات في الأردن.
أصحاب هذا الرأي يفضلون إجراء مراجعة فورية لنهج الحكومة الاقتصادي، و"إلزامها" ببرنامج فعال يعالج تداعيات سياسات رفع الدعم على الشرائح الاجتماعية المتضررة، ويحفز فرص الاستثمار في البلاد.
تغيير الحكومة فكرة سيئة بالفعل، فقد أثبتت التجربة أن ضرر بقاء الحكومة أهون بكثير من أضرار التغيير المستمر للحكومات. لكن في المقابل، بقاء الحال على ماهوعليه ليس ممكنا، فما السبيل للخروج من المأزق؟
الغد