أين خطط الحكومة؟

أين خطط الحكومة؟
الرابط المختصر

من الحكمة أن تسرع الحكومة بإعداد خططها الاقتصادية لتتعامل مع الموجات الارتدادية الأوروبية القادمة، والتي بدأت مؤشراتها تظهر للعيان. ولتكون الصورة واضحة، دعونا ننظر لما يجري حولنا ونفهمه بشكل يساعدنا على حفظ توازن اقتصادنا ويجنب أوضاعنا مزيدا من التدهور.

بداية، علينا أن ندرك أن العالم لم يخرج بعد من أزمته الاقتصادية المالية العالمية التي تفجرت وألقت بصواعقها على العالم أجمع. وما يجري في أوروبا الآن يثبت مقولة بعض الاقتصاديين والسياسيين العالميين عندما أطلقوا عليها "أوروبا العجوز".

فاهتزاز اليورو الذي نشهده منذ فترة ما هو إلا انعكاس لأوضاع مالية خطيرة في منطقة اليورو بدأت بحجمها المتراكم تداهم الحكومات، وتهز بنيان السلم الاجتماعي الذي تعاقدت عليه هذه الحكومات مع شعوبها، التي لم تجد مناصا إلا الخروج إلى شوارع أثينا وبرشلونة ومدريد معترضة على إدارة حكوماتها للشأن المالي والاقتصادي، متذمرة من تخفيض مداخيلها وزيادة أعبائها الضريبية، ولتبعث برسائل إلى برلين وباريس وروما ودبلن ولندن ولبقية سياسيي منطقة اليورو عن خطورة الأوضاع.

في ظل الانكشاف المالي الكبير وعجز موازنات معظم دول أوروبا وترنحها تحت أعباء خدمة المديونية غير المسبوقة، أعلنت بريطانيا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وإيرلندا وسبقتها اليونان بالطبع عن خططها لخفض إنفاقها، وهي تستعد لوضع خطط جديدة تحت عنوان "الخروج من مرحلة التحفيز الاقتصادي" التي سارت عليها خلال السنتين الماضيتين إلى مرحلة ضبط إنفاقها وتقليص خدماتها وتخفيض رواتب موظفيها والمزايا الاجتماعية التي اعتادوا عليها ورفع ضرائبها بطريقة أو بأخرى.

أمام هذه الخطط الأوروبية التي ستلحق بمواطني دول منطقة اليورو، فإن أكثر ما يهمنا كيف سينعكس هذا على الاقتصاد الأردني وخزينة الحكومة؟

مؤشرات التراجع الاقتصادي مستمرة، فصاحب المال ما يزال يفضل الاحتفاظ بماله في البنوك على توجيهها للاستثمار، لذلك نرى حجم الودائع لدى البنوك في تزايد، وما نزال نرى تردد البنوك وانتقائيتها في منح الائتمان، ابتعادا منها عن مخاطر الإقراض وخوفا من تعثر مقترضيها، لذلك نرى أموالها المودعة لدى البنك المركزي في تزايد.

في الوقت الذي تتآكل فيه الثروات المستثمرة في بورصة عمان، ونقرأ عن خسائر غير مسبوقة لشركات تعمل في قطاعات مالية وعقارية وإسكانية باختلاف أسباب كل منها، وتراجعات في أعمال الشركات التعدينية.

فتعطيل كتلة نقدية ضخمة على الصعيد المحلي وعدم دخولها الدورة الاقتصادية المنتجة سيخلق حالة من الجمود الاقتصادي، سرعان ما ينعكس بخفض واردات الحكومة من الضريبة على أرباح الشركات والأعمال، ووارداتها من ضريبة المبيعات في الوقت الذي أعطى قانون ضريبة الدخل النافذ حوافز تخفيضية على ضرائب الأفراد.

وعلى صعيد ارتباطنا بالحالة الأوروبية، فصادراتنا لسوق اليورو مرشحة للتراجع ومثلها مساعدات دوله وسياحة مواطنيه عندنا، ما يخلق ديناميكية تفاعلات محلية أوروبية تعتبر بيئة خصبة لتوليد وصفة للتراجع الاقتصادي، ما سيضع الخزينة مرة أخرى تحت ضغوط الاقتراض الذي لم يتوقف أصلا سواء من الداخل أو من الخارج، ومن ثم استمرار متوالية العجز والمديونية.