أوائل المملكة وتطوير التعليم العام
الطالبتان، تالة الشلختي الحاصلة على المرتبة الأولى في المملكة في امتحان الثانوية العامة-الفرع العلمي (99.6 %)، ورؤى الكلوب الحاصلة على المرتبة الخامسة (99.3 %)، لم تحصلا على منحة دراسية في الجامعة الأردنية، كما فهمت من صفحة المهندس صخر كلوب والد الطالبة رؤى.
ويبدو لي، برغم أني لم أطلع مباشرة على رأي وتفسير وزارة التعليم العالي، أن هذا -أيا كان السبب- معيب بحق الأردن والأردنيين.فاالواجب نحو هؤلاء الطلبة المتفوقين من أوائل المملكة والمحافظات، أن ينالوا رعاية مستمرة خاصة في جميع المراحل التعليمية والمهنية، ليس فقط إعفاء من الأقساط ومكافأة شهرية، ولكن أن تهيأ لهم أيضا كل أسباب مواصلة التفوق؛ فالعلماء والمبدعون لا يأتون إلا عبر مسيرة طويلة جدا من الدراسة والتدريب والعمل.
تخصص سنغافورة مليون دولار لكل شاب متفوق بعد اتمام الدكتوراه، ليواصل رحلة من البحث والارتقاء مدتها 14 عاما؛ مؤملة أن يكون في نهاية المطاف عالما مهما، أو خبيرا في الإدارة والتخطيط والقيادة والعلوم والتقنية..
هذا الاستثمار وإن بدا مكلفا وبعيد الأمد، يمكن أن يعوضه عالم واحد إن وُفق إلى اختراع، وعلى الأقل تضمن الدولة أن القيادة والعلوم والطب والشركات والتعليم والمؤسسات يمكن أن يقودها خبراء متفوقون ومبدعون.
وأمس، قرأت في الصحافة أن د. وجيه عويس دعا إلى تطوير التعليم العام. معالي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي يدعو من؟ من الذي يطلب منه معاليه أن يطور التعليم العام؟ الواقع أنها مطالعة محزنة ومحبطة.فإذا كان المتفوقون غير قادرين على الاستفادة من منحة دراسية، فكيف سيتطور التعليم العام؟ فأول وأهم عناصر التعليم العام وجود طلبة على مقعد الدراسة في مستوى متقدم من الذكاء والاستعداد للتعلم، وليس أقل من تشجيع المتفوقين وتهيئة المجال لهم لمزيد من الإبداع والتفوق ومواصلة رحلتهم.
ويبدو لي أننا أضعنا ونضيع كثيرا من أوائل الثانوية والجامعات بسبب سياسات فاشلة وفاسدة، يمكن تصحيحها بقرارات وإرادة فورية.
وليس مفهوما هذا التردد والتواطؤ على عدم ابتعاث المتفوقين، في الوقت الذي يحظى عدد كبير من غير المتفوقين بالمنح والمزايا والفرص! عن أي إصلاح نتحدث إذا كنا غير قادرين/ راغبين في اتخاذ خطوات إصلاحية مقدور عليها؟أتمنى على معالي وزير التعليم، أو على باحث نشيط، أن يتتبع مسار ومصير أوائل الثانوية والجامعات على مدى السنوات والعقود الماضية؟