أنا "مواطن أردني"!

أنا "مواطن أردني"!
الرابط المختصر

ينتظر الرأي العام الأردني في حالة من الغضب، وعلى أحرّ من الجمر، التفاصيل المتعلّقة بحادثة استشهاد المواطن رائد زعيتر، وهو، وفقاً للمعلومات الرسمية الأولية، قاضٍ في وزارة العدل الأردنية، كان مغادراً إلى الضفة الغربية، عندما وقع شجار بينه وبين أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي، ما أدّى إلى قتله على الجسر.

الرواية الإسرائيلية الفورية اتّهمت زعيتر بأنّه حاول انتزاع سلاح الجندي الإسرائيلي، وأشارت إلى أنّ سلطات الاحتلال قامت بتحقيقات فورية مع ركّاب الحافلة التي أتى بها رائد، بينما استدعى وزير الخارجية الأردني القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في عمان، مستوضحاً، واقتصر ردّ الفعل الرسمي، حتى مساء أمس، على تصريح "مصدر وزاري" بمطالبة الأردن الجانب الإسرائيلي بفتح تحقيق حول ما جرى، بدلاً من المطالبة بتحقيقات مشتركة وباطلاع مباشر على البيانات والمعلومات المتوفرة!

لن نستبق، نحن الأردنيين، الأمور، وسنترك جانباً المعلومات والروايات غير الموثّقة، بانتظار استكمال الحلقات المفقودة في الساعات القادمة. لكن طريقة تعامل المسؤولين الأردنيين مع الرأي العام الأردني ما تزال نفسها قائمة على الاستهتار واللامبالاة، إذ تركوا الشارع نهباً للإشاعات والتكهنات وحالة الاحتقان والغضب، إلى أن قدّم وزير الدولة لشؤون الإعلام، د. محمد المومني (في مقابلة على أخبار الثامنة) موقفاً أكثر تماسكاً واقتراباً من نبض الشارع، بانتظار تفاعل الجانب الرسمي عملياً وواقعياً مع هذه القضية التي تمسّ كرامتنا ومشاعرنا جميعاً، خلال الأيام القادمة!

ولعلّ ذلك يدفعنا إلى قضية أخرى مريرة، أيضاً، وهي زيارة رئيس الوزراء عبد الله النسور، للسفير الكويتي في المستشفى، بعد حادثة مرورية وقعت معه على طريق الزرقاء- عمّان، وهي زيارة ضرورية ومقدّرة. لكنّ ما هو محزن ومؤلم في الوقت نفسه أنّ أحداً من المسؤولين لم يقم بزيارة أو مواساة أهالي العائلة الأردنية المتضررة من الحادثة نفسها.

وفقاً لتقرير مفصّل مهم على موقع البوصلة الإلكتروني، فإنّ الناطق الرسمي وصف حالة المواطنين، الذين أصيبوا بالحادث بين الجيدة والمتوسطة! وذلك غير صحيح، إذ توفيت الطفلة غيداء (6 أعوام)، التي طارت من زجاج السيارة مع قوة الحادثة، ودخل والدها (29 عاماً) في غيبوبة (أفاق منها مؤخراً)، ووالدتها في حالة سيئة، بعد أن تشوه وجهها بالكامل وتعرضت لكسور بالغة. أما الطفلة جنى فتعاني من نزف في الدماغ، وشقيقها يوسف من كسر في الرقبة، ووالدهم يعيش على المسكنات في المستشفى لتحمل آثار الكدمات والجروح.

لم يتعرّف الرئيس ولا مسؤول أردني على العائلة المنكوبة، ولم يواسها أحدٌ منهم بأي زيارة، ومن تبرّع بعلاجهم في المستشفى العربي، ونقلهم من الوضع السيئ في المستشفيات الحكومية هو السفير الكويتي، وفقاً لموقع البوصلة!

تفاصيل الحادثة مفجعة ومؤلمة، عندما كانت العائلة في الطريق إلى منزل والدة الزوجة من عمان إلى الزرقاء، عندما تفاجأت بأنّ أجزاء من جزيرة وسطية تنهار على السيارة، جراء ارتطام سيارة السفير الكويتي بها، على الجهة المقابلة!

ليس مطلوباً من رئيس الوزراء أن يزور كل العائلات المفجوعة بحوادث المرور أو أن يشارك الناس جميعاً أتراحهم، لكن في مثل هذه الحادثة، كانت مراعاة مشاعر المواطنين والأهل تقتضي أن يبادر إلى زيارة العائلة المنكوبة، ويواسيهم، كما فعل مع السفير الكويتي، الذي خرج بالسلامة، بلا أيّ إصابة خطرة من الحادثة، وإذا كان الرئيس غير ملمّ بتلك الحيثيات، فأين الفريق المحيط به!

الغد