أفكار لتعزيز الثقة بالانتخابات

أفكار لتعزيز الثقة بالانتخابات
الرابط المختصر

تقضي الشفافية والنزاهة والحيادية، في إدارة العملية الانتخابية، أن لا يتحرك أي شيء يتعلق بمسارها من دون إفصاح مسبق وفي الوقت المناسب، ومن دون أن يترك أي مفصل أو إجراء لاحتمالات التأويل.

وفي حالتنا (الأردنية) يتوجب على الحكومة ولجانها المشرفة على الانتخابات أن تعمل كل ما من شأنه تبديد المخاوف والهواجس وتسهيل عملية الانتخاب.

ذلك يعني أن يُعلَن منذ تحديد موعد إجراء الانتخابات عن تشكيل اللجنة المركزية المكلفة الإشراف عليها وفق ما حدد القانون، وتبدأ عملها كلجنة "مستقلة"، تدرس وتُمحِّص وتُدقِّق بكل الأفكار والوسائل والسبل لإنجاح مهمتها.

وعلى أعضاء اللجنة ألاّ يتصرفوا باعتبارهم تنفيذيين متلقين يرسم لهم رئيسها وزير الداخلية مسار كل شيء وما عليهم سوى الموافقة وطأطأة الرأس.

نتوقع أن نسمع اقتراحات وأفكاراً جديدة، فيها إبداع، تُعزّز من الثقة بدور اللجنة ونزاهتها وحياديتها.

ومساهمة في إثراء الأفكار أُقدِّم أمام اللجنة الموقرة ما أعتقد أنه يفيد في تعزيز مصداقية عمل اللجنة، والأهم استرداد ثقة الجمهور المهزوزة في الإشراف الرسمي على إدارة العملية الانتخابية.

1 - الإعلان المسبق، وفي الأوقات والتواريخ التي يحددها القانون، عن كشوفات بأسماء الناخبين في كل دوائر المملكة، عبر الانترنت وتوزيعها على قرص مدمج (CD) لمن يرغب، كي تكون عملية التدقيق والاعتراض عملية ممكنه وواقعية.

أما الاكتفاء بعرضها بالطريقة البدائية القديمة في المراكز الإدارية، فهذا لا يكفي ولا يفي بالغرض، وهو أقرب إلى رفع العتب وفيه مضيعة للجهد والوقت. هذا اذا افترضنا حسن النية. الإجراء المطلوب غير مُكلف وممكن جدا، ولا مبرر منطقيا لرفضه او تنحيته.

2 - استعمال البروجكتر (Projector) لعرض ورق الانتخاب على شاشة صغيرة في قاعة الفرز، ليتسنى لمندوبي المرشحين والمراقبين الاطلاع على ما دون على ورقة الاقتراع.

اذ لا يكفي إطلاع اعضاء لجنة الفرز. حتى وإن كانوا تحت القسم، فهم أولا موظفون لدى السلطة التنفيذية، وثانيا لهم اهواؤهم الانتخابية كبشر. وبتراثنا الانتخابي ما يدعو إلى التوجس ووضع اليد على القلب من كثرة ما جرى من غش في عملية قراءة أوراق الاقتراع.

هذا جهاز بسيط وغير مكلف أبدا، ويمكن أن تتبرع به دول عديدة. وقد استخدم في الانتخابات اللبنانية الاخيرة. ويمكن أن يستعمل في كل الانتخابات المقبلة على أنواعها. ولا أظن أن هناك مبررا يحول دون كسب هذه الميزة والتباهي بها.

3 - يتوجب الإعلان الرسمي كل ساعة أو ساعتين من اللجان المشرفة على الانتخابات، المركزية والفرعية، عن عدد المقترعين في كل دائرة انتخابية فرعية ونسبتهم الى مجموع الناخبين في الدائرة الانتخابية للدلالة على مصداقية أعداد المصوتين وحراسة هذه الأرقام والنسب من العبث في اي مرحلة ولأي سبب.

4 - استعمال الحبر الانتخابي الملون، لضمان عدم تكرار الانتخاب، وهذه الطريقة معتمدة في العديد من دول العالم وهي طريقة غير مكلفة أبدا، لكنها تعطي الطمأنينة وتعزز المصداقية.

5 - عدم السماح بإدخال الهاتف النقال إلى مراكز التصويت، حتى لا يستخدمه الناخب، لتصوير ما يُدَوّن على ورقة الاقتراع، لإثبات "مصداقية" ما لجهة ما أو شخص ما، مما يخل بسرية الانتخاب.

6 - لا أرى مبرراً لعدم السماح لمنظمات المجتمع المدني بالرقابة على سير العملية الانتخابية ما دام ليس لدينا ما نخفيه.

والمراقبة لا تعني ابدا التدخل بأي شكل من الاشكال، فدورها يقتصر على المشاهدة وإيصال الملاحظات إلى اللجنة المشرفة على الانتخابات لغايات العلم والاستفادة، ويمكن أن يكون دور مندوبي منظمات المجتمع المدني دورا مساعدا للمسؤول الحريص.

7 - لا أرى مبرّرا للفصل بين مراكز المقترعين الذكور عن الاناث في الدائرة الانتخابية الواحدة. ففي ذلك تبديد لجهد الناخبين والمرشحين. ويكتفى لحاجات الفصل أن يقسم نفس المركز إلى قسمين واحد للذكور وآخر للاناث.

8 - اخيرا، لا أجد مبررا من اي نوع لوجود رجال الأمن باللباس العسكري أو المدني داخل مرافق المراكز الانتخابية وفي كل القاعات. ويجب أن يقتصر دورهم على حماية أمن المراكز من الخارج، وأن يتدخلوا إذا ما طلب منهم ذلك.

ثمة بعض التفاصيل الصغيرة، لكن المهمة، كان قد أعلن عنها المركز الرائد: المركز الوطني لحقوق الإنسان، يجدر الانتباه لها وأخذها بنظر الاعتبار.

ما دمنا قد عقدنا العزم والنية على أن نجري الانتخابات بمعايير "نفاخر بها الدنيا"، فعلينا ان نوسع صدورنا وأفقنا، ونغادر التفكيري التقليدي والنمطي، واجتراح كل ما يمكنه أن يعزز الثقة في الانتخابات، ما يحفز قاعدة أوسع للمشاركة فيها. وهذا هدف قائم بحد ذاته.

ثقتي بوطنية نايف القاضي وديمقراطية موسى المعايطة تدعوني الى التفاؤل.