أطفال الأردن أمانة في أعناقكم

أطفال الأردن أمانة في أعناقكم
الرابط المختصر

لم نسمع تصريحاً من نقابة المعلمين بشأن الحقائق الكارثية التي أعلنها وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، والخاصة بتعليم الصفوف الثلاثة الأساسية الأولى. ولم تعلق نهائياً النقابة التي وقف كثيرون لدعم إنشائها، رغم الجدران السياسية العالية التي كانت تحول دون ذلك.

النقابة قامت منذ نحو سنتين. لكننا لم نسمع منها الكثير، اللهم باستثناء مطالبات بالحصول على مزيد من الامتيازات المالية للمعلمين، كما خلافات هؤلاء التي لا تتوقف بين إسلاميين ويساريين! ما أفقد النقابة دورها المأمول لترميم قطاع التعليم الذي بدأ بالتهالك منذ سنوات.

ثمة عوامل كثيرة أخرى أفقدت النقابة، التي قامت بعد جدل طويل، دورها وفعاليتها. من ذلك، عضوية نقيبها مصطفى الرواشدة في مجلس النواب. إذ ساهم هذا الواقع في توزيع إمكاناته، بما أدى بالنتيجة إلى خفوت دور النقابة، إلى درجة غابت معها عن القضايا المفصلية التي تمس قطاع التعليم.

وما غيابها عن قصة أطفالنا "الأميين"، إلا تأكيد على القصور الذي يعتري أداءها، خصوصا أنّ للمعلم دورا أساسا في الارتقاء بمهنة التعليم، ومعالجة التشوهات الكبيرة التي تعتري هذه المهنة التي تُعدّ بحق الأنبل في التاريخ.

نشأت النقابة، وها هي المدة القانونية لمجلسها تكاد تنقضي، إنما من دون أن تقدم رؤيتها عبر خطة شاملة تقترحها على الحكومة، ويتبناها الإعلام، للوقوف على المشاكل والشروع في معالجتها. لا بل أبعد من ذلك، نرى الحكومة تتقدم عليها في الكشف عن المثالب، رغم أنه دور رئيس للنقابة، كان يفترض أن تقوم به منذ بدء ممارسة نشاطها.

كذلك، غابت النقابة عن القضايا المفصلية الخاصة بالمناهج والمستوى التعليمي المنحدر وسواها، والتفتت فقط إلى ملفات مالية لا نقلل من قدرها، لكنها بالتأكيد لا تعني شيئا في إنقاذ القطاع المتداعي.

المعلم هو الحلقة الأساس في العملية التعليمية. ولذا، يفترض بالنقابة، إن كانت تدرك فداحة الوضع وخطورته، إعلان حالة الطوارئ بين كوادرها، في مسعى لتشخيص المشكلة من جانبها، ولتقوم تالياً بما عليها، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التعليم الذي كنا نتغنى به، وننافس به في كل بقاع الدنيا.

وحتى تبتعد عن الحلول غير الفاعلة، فإننا نرجو من النقابة الابتعاد عن اعتبار عدد المدارس، وسنوات الدراسة، سببا في هذا الانحدار؛ فمثل هذه التفاصيل تأتي في مرتبة متأخرة في قائمة أسباب المشكلة.

الأساس في التعليم، بغض النظر عن أي تفاصيل نعلمها، هو المعلم. وعلى النقابة عدم التخلي عن دورها. فعليها، من خلال فروعها المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، إعلان حالة الاستنفار، لإيقاظ ضمائر تتهاون في مهمة إنسانية مصيرية للمجتمع والدولة في آن.

هذه رسالة مفتوحة لكل معلم، ليستعيد المعلمون دورهم. فهم المؤتمنون على الأجيال القادمة. ومهما ظُلموا، فليس من الحق أن يوقعوا هذا الظلم على أطفال الأردن، بعيدا عن كل الأخطاء الحكومية في هذا المجال، وبغض النظر عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.

الكل شركاء في الجريمة؛ المعلمون في القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والحكومات والإعلام ليس بريئا. فالجميع صمت ولم يحرك ساكنا، حتى صُدمنا بمعرفتنا أن أطفالنا أُمّيون! فليس ثمة جهة أو طرف خارج المسؤولية. ومن ثَمَّ، فإن البدء بالعلاج يتطلب تحركا بعيدا عن المكتسبات الصغيرة؛ فمستقبلنا مهدد وعرضة لمخاطر كبيرة.

التعليم أساس البناء والتطور والتغيير. وعندما نخسر التعليم، ستتوالى الخسائر في كل القطاعات من دون استثناء. إذ بغير شعب متعلم مبدع، سنبقى دولة فقيرة، هذا إن لم نتقهقر إلى مصاف الدول المتخلفة!

الغد