أربعون ملثماً يقتحمون الحرم الجامعي
في ظاهرة غريبة جداً على حس الأردنيين, وعلى حس الدولة الأردنية التي تفتخر بأنّها كانت النموذج في التحديث والتطوير والعمل المؤسسي للدول العربية المجاورة, وتفتخر بالأمن الشامل الذي يسود الأردن دولةً وشعباً ومؤسسات, بالإضافة الى أنّ الجامعة الأردنية التي أسست عام 1962م, كانت نموذجاً للجامعات العربية والعالمية في تحقيق المنهج العلمي والبيئة الجامعية المثلى, وكانت تحظى بالاستقلالية الإدارية, وترفض رفضاً قاطعاً تدخل قوات الشرطة والأمن العام في فض بعض المشاكل الداخلية في إطار الحرم الجامعي; حفاظاً على سمعة الجامعة وهيبتها وأمنها وحرمها. مصطلح "الحرم الجامعي" كان يحمل مضموناً حقيقياً, وأشهد لرؤساء الجامعة الأقوياء وعلى رأسهم (الدكتور عبد السلام المجالي) الذي انتهج منهج استقلال الجامعة وقدرة إدارة الجامعة على التعامل مع جمهور الطلبة وما ينشأ بينهم من نزاعات من خلال الجامعة نفسها, فكان للجامعة هيبة, وللشارع الجامعي حرمته, وكان المدرس الجامعي يحظى باحترام شديد منقطع النظير, والمحاضرة مقدسة, والإدارة تتمتع بمكانة عالية في نفوس الطلاب, دون حاجة إلى قوات درك أو أمن خاص أو أيّ نوع من أنواع القوة المادية الظاهرة والباطنة. أربعون ملثماً يدخلون حرم الجامعة الأردنية, بعد أن ضربوا الحارس الذي يقف على الباب ودخلوا وهم يحملون العصي الكهربائية, والأسلحة المخفية للبحث عن بعض الخصوم ومن أجل إحداث حالة من الرعب للأطراف ذات الشأن في المشاجرة الطلابية التي وقع فيها حوادث إطلاق نار قبل أيام, ويبدو أنّ الهدف الرئيس من هذه العملية هو إرهاب إدارة الجامعة من أجل التراجع عن القرار الحازم بفصل (16) طالباً تسببوا في هذه المشاجرة المسيئة للجامعة وللمجتمع الطلابي وللمجتمع الأردني برمّته. أين الإعلاميون والكتاب من هذه الظاهرة المرعبة, أين مدير الأمن العام والناطق الرسمي الذي يتحفنا دائماً بتصريحاته وبياناته حول الأحداث المختلفة من هذه الفعلة الشنعاء. لماذا قام النكير على مجموعة من الشباب لبسوا عصبة خضراء على رؤوسهم في مقدمة مسيرة منظمة وسط البلد, واعتبروا ذلك زلزالاً يهدد الأردن ومستقبله, وتمّ غض الطرف عن هذه العصابة من "الكوماندوز" الملثمين والمسلحين الذين اقتحموا "حرم جامعة محترمة", ثم يتمّ "لفلفة" الموضوع وكأنّ شيئاً لم يكن, لماذا هذه الازدواجية, ولماذا هذا الكيل بمكيالين في التعامل مع الظواهر, ولماذا يتمّ تكبير الصغير وتصغير الكبير, لماذا لا يشعر المجتمع بالقلق الكبير من هذا التصرف الذي يدلّ على تدهور مريع.
العرب اليوم