أدوار أساسية بمواجهة التطرف

أدوار أساسية بمواجهة التطرف
الرابط المختصر

أثبتت منظمات المجتمع المدني المستقلة، التي تعمل استناداً إلى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، إمكانية أن تلعب أدواراً أساسيةً في تعزيز التحول السياسي والاجتماعي والاقتصادي مجتمعاتها.

 

إن من واجبات المجتمع المدني دفْع عمليات التحول هذه باتجاه مزيد من احترام حقوق الإنسان وتكريس الممارسات الديمقراطية، وتعزيز تشريعات تضمن ذلك وإنفاذها على أرض الواقع، خاصة في ظروف كالتي تشهدها المنطقة والأردن، حيث التمدد غير المسبوق للفكر المتشدد القائم على تكفير الآخر وممارسة أبشع أنواع العنف ضد كل مخالف له بالرأي، لذا تتبدى أهمية مكافحته، مع التأكيد أن من غير الممكن مكافحة الفكر الإقصائي باستخدام فكر إقصائي آخر.

 

تعد مكافحة الفكر الإرهابي والظلامي مسؤولية مختلف القوى التنويرية، التي يقوم على عاتقها نشر الفكر القائم على أسس احترام مبادئ الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وبخلاف ذلك ستجري إعادة صناعة الإقصاء وبالتالي العنف والإرهاب.

 

عند مراجعة الخطاب الرسمي للدولة الأردنية، نتلمس أن عملية التغيير تعتمد هذه الأسس سالفة الذكر، فالأوراق النقاشية والخطابات الملكية تؤكد ذلك في كل مناسبة، وكان آخرها ما ورد في خطاب الملك عبد الله الثاني، في جلسة لمجلس الأمن عقدت في أيلول الماضي، وقال فيه "إننا لا نستطيع أن نستهين بدور مشاعر الحرمان من حقوق الإنسان في صناعة الإرهابيين".

 

بيد أن السياسات العامة الناظمة لعمليات التحول الديمقراطي في الأردن تضع العديد من العراقيل أمام التحول التدريجي والسلمي، إذ ما زالت البيئة الناظمة لعمل المجتمع المدني غير ملائمة، وتتضمن العديد من العقبات التي تحول دون قيام المجتمع المدني بدوره في تعزيز ثقافة وممارسات حقوق الإنسان بمختلف أبعادها، ومنها بشكل أساسي قانوني الجمعيات والعمل فيما يخص إنشاء النقابات العمالية.

 

الحكومة لا تزال تعارض، سنوياً، تأسيس عشرات منظمات المجتمع المدني بما فيها النقابات العمالية، خلافاً لمبدأ حرية التجمع والتنظيم المنصوص عليها في الدستور، وفي نصوص العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهما يعدّان بحسب التشريعات الأردنية قانونين يتم التقاضي بموجبهما منذ عام 2006 عقب مصادقة الحكومة عليهما، ونشرهما في الجريدة الرسمية في ذلك الوقت.

 

الرفض الرسمي للتنظيم النقابي يحول دون تنظيم المجتمع على أسس مدينية، ما يدفعه لتنظيم نفسه على أسس تقليدية تعيق عملية التحول والتغيير السلمي، إضافة إلى التدخلات الحكومية المتكررة في عمل منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية بطرق مباشرة وغير مباشرة، ما يقلص استقلالية عدد منها، ويعرقل دورها في تحقيق أهدافها، ويحرفها عن أداء رسالتها.

 

التحول والتغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي قائم على تمكين المواطنين من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية، ليساهم ذلك بشكل كبير في تجفيف منابع الإرهاب، وهي عملية منوطة بكل مكونات الدولة؛ حكومةً وبرلماناً ومنظمات أهلية بتلويناتها كافةً، وعلى السلطة أن توفر بيئة تشريعية ملائمة للمجتمع المدني من أجل النهوض بأدواره.

 

  • أحمد محمد عوض: باحث ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية.

 

 

أضف تعليقك