أحزاب المعارضة أمام استحقاق ترميم البيت الداخلي

أحزاب المعارضة أمام استحقاق ترميم البيت الداخلي
الرابط المختصر

بعد ترحيل طويل نسبيا، تتقدم لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة، الأسبوع المقبل، لفتح ملف خلافاتها الداخلية المستحكمة منذ نحو عامين، إلى درجة هددت، في أوقات معينة، وحدة هذا الائتلاف الذي صمد رسميا على مدى نحو عشرين عاما.

لم تغب الخلافات والتباينات، بل والانقسامات أحيانا، عن ائتلاف تنسيقية المعارضة منذ تشكله العام 1993، غداة توقيع الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية لاتفاقيتي وادي عربة وأوسلو مع إسرائيل، لكنها بقيت، في الغالب، خلافات تحت السيطرة، وفي نطاق المحدود الذي لا يؤثر على تماسك واستمرار هذا الإطار.

وبقيت تنسيقية المعارضة، التي يأتلف فيها التيار الإسلامي (الإخوان المسلمون وجبهة العمل الإسلامي) مع التيارين القومي واليساري، على برنامج الحد الأدنى من التوافقات تجاه قضايا أساسية، تصدّرها رفض السلام والتطبيع مع إسرائيل، والتوافق على رفض النهج الاقتصادي الرسمي وبرنامج التصحيح والخصخصة، والإجماع على رفض قانون الصوت الواحد، والدفاع عن الحريات العامة.

ورغم ظهور الخلافات والتباينات بين التيار الإسلامي وحلفائه القوميين واليساريين في أغلب محطات الانتخابات النيابية منذ العام 1993، سواء شارك فيها الإسلاميون أو قاطعوا، بل وظهور تباينات داخل التيار القومي اليساري ذاته في أغلب هذه المحطات، إلا أن حرص أحزاب التنسيقية على الائتلاف ووحدته بقي قائما، إلى أن جاء الربيع العربي قبل نحو عامين، ليقلب معادلات كثيرة،

ويخلط الأوراق، وسرعان ما وصلت تداعيات هذه الحالة الفسيفسائية إلى ساحة التيارات والأحزاب الأردنية المعارضة.

انتقال التيار الإسلامي من الزنازين إلى السلطة في تونس ومصر وليبيا مع هبوب رياح الربيع العربي، وتعثر موجات هذا الربيع في المحطة السورية، أعادا حسابات واصطفافات التيارات الأيديولوجية والسياسية العربية المعارضة، بعد مرحلة التحالف والالتقاء في زمن الصراع مع الأنظمة السابقة.

وتعمقت الانقسامات بين التيار الإسلامي والقوميين واليساريين والليبراليين في مصر وتونس، لتمتد موجاتها إلى الساحة الأردنية، حيث تتجلى بوضوح في الانقسام والطلاق البائن في مواقف الإسلاميين عن مواقف حلفائهم القوميين واليساريين حيال الأزمة السورية.

تباين مواقف المعارضة التقليدية، التي تمثلها أساسا تنسيقية أحزاب المعارضة، تجاه الانتخابات النيابية الأخيرة، رغم الاتفاق على رفض قانونها، عمق من أزمة التنسيقية.

ثم جاء الخلاف الحدي بين الجبهة الوطنية للإصلاح، التي تشكلت أساسا من ائتلاف أحزاب المعارضة ونقابات كبرى وشخصيات مستقلة، وبين خمسة أحزاب قومية ويسارية شاركت في تلك الانتخابات، خروجا على قرار الجبهة، ليكرس حالة الانقسام، ويمتد بأثره إلى هيكلية تنسيقية المعارضة.وأمام وصول أحزاب المعارضة اليوم إلى استحقاق البحث عن ترميم وإصلاح البيت الداخلي لها، خاصة في ظل وجودها خارج البرلمان، تبدو هذه المهمة، رغم إلحاحها وأهميتها لها، صعبة، ودونها عوائق عديدة، وإن كانت غير مستحيلة.

فالمشكلة أن الخلافات، بل والانقسامات، واضحة في بيت أكبر الأحزاب؛ "جبهة العمل الإسلامي"، الذي تلوح في أفقه نذر انقسام أو انشقاق على خلفية قصة مبادرة "زمزم"، فضلا عن تجذر خلافات بينية داخل صفوف الأحزاب القومية واليسارية ذاتها، ما يفرض أولا إعادة ترتيب البيت الداخلي للعمل الاسلامي ولائتلاف القوميين واليساريين، قبل الذهاب إلى ترميم بيت التنسيقية.

كما أن تداعيات الأزمة السورية متواصلة، تعزز آثارها وتداعياتها على الواقع الحزبي الأردني انقسامات الشارع المصري والتونسي، على خلفية قيادة الإسلاميين للسلطة في البلدين، ما يترك الباب مفتوحا لمزيد من التداعيات والانعكاسات على الوضع الحزبي الأردني المعارض، بل وقد يؤخر الوصول إلى ترميم البيت الداخلي للمعارضة.

الغد

أضف تعليقك