أحزاب
لسنا ضدَّ الاحزاب ، بالمُطلق.. ولكنّ تجربة (جيلًنا) معها ، كانت مُرّةً وقاسية ، حدَّ أنّها جعلتنا ننفر من مجرّد الكلمة.. ويُحاولُ قسمّ كبير منّا أن لا يقع في ذات الخطأ مرّتين!.
ولقد تابعنا كثيراً من الطُّروحات التي يُروّجُ لها الآن عددّ كبير من الأحزاب الجديدة ، أو القديمة ، أو البَيْن بين،.. لإقناعنا بأنّ الأمور اختلفت عمّا كانت عليه في السابق.. ويمكُننا أن نرى بوضوح: أنّ الاختلاف الذي يتحّدثون عنه ، لا يعدو كونَه اختلافاً في مسألةْ واحدة لا غير.. وهي أنّ (الأقدمين) - أّعني الحزبييّن السابقين - لم يكونوا يحلمون بالوصول إلى (الكراسي) ، في المدى المنظور عندهم على الاقل،.. بل بالعكس ، كانوا يواجهون في سبيل قناعاتهم الكثير من العَنَت: سجناً ، واضطهاداً ، وحرماناً من أبسط وسائل العيش.. ومع ذلك قد تَحمّلوا ، وصبروا ، وتباهوا بما يجري لهم.. ولأهلهم أيضاً!!.
أمّا (المُسْتَجدّون).. ولنقل اغلبهم ، حتى لا نظلم الجميع.. فالهدف الأول والأخير لهم هو الوصول إلى تلك (الكراسي) ، التي ستؤمّن المالَ أو الجاهَ ، أو كليهما معاً، ولدى كثيرْ منا قناعة كاملة تنبني على هذه المقولة التي يؤكّد عليها كُلُّ من نَعرف ، وهو السّبب في عدم الإقبال على الانضمام الى تلك الأَحزاب.. ولدي ما يُعمّقُ قناعتي بأنّ (الرَبع) يستجلون الوصولَ إلى (المواقع المتقدّمة) التي لن تستوعب في أيّ حال غيرَ (المؤسّسين) الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.. لينفضّ من بعد سامرُ الآخرين.. حين يكتشفون الحقيقة المُرّة.. وسيظلُّ (الصًغاُر صغاراً) كما كانوا قبل الدُّخولً ، وسيُضطرون للخرُوج من (الأبواب الضيّقة) بأسرع ممّا كانوا يتوقّعون،.
وبعد: فّلعلكم تعرفون حكاية الطّريق ، التي جمعت شخصين بالصُّدفة.. ليقول الأول للثاني: - اتحملُني أم أحملُك؟!.
ولم يفهم الثاني معنى السُّؤال ، إلاّ بعد ان انتهى (مًشْوارهما) القَصير جداً.. ولعلّكم تعرفون - من قبل ومن بعد - ما لم تَقُلْهُ الكلمات.. وماذا وراء السُّطور؟!.