أبناءُ الأردنيات ليسوا أرقاماً وهواجس

أبناءُ الأردنيات ليسوا أرقاماً وهواجس
الرابط المختصر

آخرُ إحصائيةٍ رسميّة للأردنيّات المتزوّجات من غير أردنيين، قبلَ عامين، تشيرُ إلى أنَّ مجموعهنَّ يبلغُ نحو 84 ألفاً، يصلُ عددُ أبنائهنّ وبناتهنّ إلى 338 ألفاً، بينهنّ 50 ألفاً متزوّجات من فلسطينيين، ولهنّ 202 آلاف ابن وابنة، ما معناه أنّ هناك زهاءَ 34 ألفاً متزوّجات من جنسيّاتٍ أخرى، أنجبن 136 ألفاً، بلا جنسية أمهاتهم، وهؤلاء لا علاقة لها بالهواجس التوطينية، وبالوطن البديل، فمنهم الماليزيُّ والرومانيُّ، والتشيليُّ، واللبنانيّ، ويعانون من استعصاء الدولة، كذلك.

هناك 28 ألفاً من أبناء الأردنيات يتحدّرون من آباء مصريين، والرقم نفسه من آباء سوريين، و16 ألفاً من سعوديين، و9 آلاف من عراقيين، ومثلهم من أميركيين. ووفقاً لوزارة الداخلية، فقد تزوّجت الأردنياتُ من نحو 50 جنسيّةً في العالم، واختلطَ الدمُ الأردني مع دماء من الأكوادور والسنغال والفلبين ونيكاراغوا، وحتى مالطا وجمايكا والصومال، وغير ذلك؟

338 ألفاً أمهاتهم أردنيّات، ولا يحملونَ جنسياتهنّ. وعليهم احتمالُ الخديعة الكاملة في عبارة: "الأردنيون أمام القانون سواء". والتكيّف مع حذف الجنس في نصّ "لا فرق بينهم في اللغة والدين واللون والعِرْق" لاستثناء الأردنيّات من مبدأ المساواة، من حيثُ هو. التعبيرُ الصحيحُ هو أنّ "الذكورَ الأردنيين سواء"، لأنّ قانونَ الجنسيّة ينصُّ صراحةً على أنّ الأردنيّ هو "كلّ من وُلدَ لأبٍ متمتّعٍ بالجنسيّة الأردنية". وللأمهاتِ أنْ يكابدنَ، لئلا تكونُ بلادهنّ وطناً بديلاً، وتستوي في ذلك المقترنة برجلٍ من فلسطين، كنسيجٍ اجتماعيّ وثقافي واحد، أو بعيدٍ ومختلف كرجلٍ فنزويليّ، مثلاً.

هل يمكنُ لبلادٍ أنْ تقاومَ التنوّعَ في قوامها السكاني مثلما نفعل. هل يمكنُ لبلادٍ أنْ يكونَ عقدها الاجتماعيُّ قائماً على التمييز بين الذكر والأنثى، على هذا النحو المريع في تجليات الدستور، فيُحرمُ أبناء الأردنيّات وبناتهنّ من حقّ إنسانيٍّ أصيل، يُستبدلُ بـ"امتيازات وتسهيلات"، تتعلّقُ بالعلاج والتعليم الحكوميين، والإقامة، والقبول الجامعيّ؟.

هؤلاء ليسوا أرقاماً، تتعاطى معها الدولةُ، والميول الاجتماعيّة المتطرّفة يساراً ويميناً، بأجنداتٍ سياسية، على هشاشة كلّ الحجج والذرائع. إنهم بشرٌ لهم حقوقهم الإنسانيّة، وأمهاتهم مواطناتٌ أردنيّاتٌ، يتمتّعن بالجنسية الأردنية، وفقاً للقانون، ومنهنّ الكركيّةُ والسلطيةُ والعجلونيّة، ومنهنّ مَنْ هي أردنيّة، قبلَ قرار فكّ الارتباط القانونيّ والإداريّ في العام 1988. كذلك فإن بينهنّ 34 ألف مواطنة تزوجن رجالاً من أنحاء الكرة الأرضية، غير معنيين هم وأبناؤهم وبناتهم بأرييل شارون، ولا بالخيار الأردني.

يقول المسؤولُ الحكوميُّ تصريحاً في حرفيّة المكرمة: جادون بمنحِ أبناء الأردنيّات كلّ التسهيلات". هل هم ضيوفٌ، أم سيّاحٌ، أم مستثمرون. وما هي التسهيلات التي ستحصلُ عليها الأردنية زوجةُ السوريّ، أو الموريتانيّ، أو الفلسطينيّ حين تراجعُ وزارتي الداخلية أو العمل، أو تُسجّل ابنها وابنتها في الجامعة. هل تعرفُ الدولةٌ معاناة الأردنيّات الإنسانية جرّاء هذا الالتباس في معنى الهوية والانتماء والمواطنة.

يصعبُ على أبناء الأردنيّات وبناتهنّ أن يفهمن أنّ لهم/ لهنَّ "مزايا خدميّة" عوضاً عن حقوق مواطنة كاملة، يتكاسرُ على الانتقاص منها فهمٌ قاصرٌ عن مفهوم الحقوق والمساواة والمصلحة، يُقررُ مصير الأردنية، وأبسط حقوقها في اختيار شريك حياتها، ويضعها في مهبّ الندم، ومرارة الألم لفداحة التمييز والظلم..

  • باسل رفايعة: صحافيّ أردنيّ، عمل في صحف يومية محلية، وعربية.