في حلب الاحياء يعني انسحاب موظفي النظام منها

حلب – محمد إقبال بلّو

مع تحرير كل حي حلبي من قبل الجيش الحر يسحب النظام موظفيه من الدوائر الخدمية في ذلك الحي. ويحرم المواطنين مما يقدم لهم من قبل تلك الدوائر من خدمات، لكن في بعض الأحياء استطاع الجيش الحر توفر كوادر ليقوم باستثمار تلك الدوائر ورغم ذلك في الكثير من الاحياء توقفت الخدمات وبدأت عند المواطن معاناة إضافية غير القصف .

منير زيتونة رجل أربعيني أب لأربعة أطفال يقيم في حي الصاخور بحلب قال لـ "مضمون جديد": عندما دخل الجيش السوري الحر إلى حي الصاخور سيطر عليه وطرد منه قوات النظام لم يتدخل أبداً بالدوائر الخدمية هنا كمراكز الكهرباء والمياه والمستوصفات بل حتى المدارس وظل العمل فيها لعدة أيام على ما هو عليه، وبعد فترة وجدنا أن الدوائر الخدمية تلك قد خلت من موظفيها وتم سحبهم إلى أماكن أخرى يسيطر عليها النظام مما أدى لبدء المعاناة لدينا .

بدأ حي الصاخور خارج نطاق المدينة معزولاً عن كل شيء، وبدأ مسلسل انقطاع المياه والكهرباء بسبب عدم توفر موظفين وعمال مختصين يقومون على ذلك، وهي إحدى العقوبات التي بدأت تطبق على الحي من قبل النظام لانه رحب بالجيش الحر وكان له حاضنة شعبية دافئة".

ويشتري اهالي الحي المياه بصهاريج خاصة بأسعار خيالية، بينما اغلق عليهم المستوصف واصبحت رفوفه فارغة من الادوية.

يقول زيتونة لولا اعتماد اهالي الحي على المشافي الميدانية التي جهزناها مسبقاً لكان الحال أسوأ من ذلك بكثير، كما ان المدارس أغلقت. وخسر أطفالنا عاماً دراسياً وقد يخسرون آخر .. من يدري؟ لكن خسارتهم لعامين دراسيين لا شيء امام امكانية خسارتهم لحياتهم.

أما قصة حي بستان القصر فلا يختلف كثيرا عن باقي الاحياء الثائرة، فقد تمت معاقبة أهله بحرمانهم من كل المرافق الخدمية التي يملكونها، وهو ايضا سحب كل العمال والموظفين فيه وبقي الحي من دون خدمات كما انه بالطبع لم يبق من دون قصف.

محمد خالد مهندس فصل من وظيفته لمشاركته بالحراك الثوري واعتقل مرتين وهو من اهل المنطقة تحدث إلى مضمون جديد فقال: منذ أن بدأ الحراك الثوري هنا بدأت العقوبات تتوالى على الحي فمن انقطاع المياه والكهرباء إلى إغلاق المدارس وغير ذلك من منشآت سحب النظام موظفيه منها أو دمرها بالكامل أثناء قصفه للحي.

لكن المشكلة الأكبر التي يعاني منها الاهالي هناك هي مشكلة النظافة، بعد ان منع النظام سيارات النظافة من الدخول إلى الحي كما أنه سحب كل عمال النظافة الذين كانوا ينتشرون بالشوارع يومياً.

يقول خالد معاناة الحي مع النظافة قديمة وحديثة فحتى قبل الثورة لم يكن الوضع جيداً . بستان القصر عبارة عن منطقة ذات كثافة سكانية عالية جدا أبنية طابقية متلاصقة ببعضها وشوارع ضيقة جدا ومتشابكة جدا.

ويحتاج الحي إلى مئات العمال وعشرات السيارات من أجل النظافة، وما كان يرسل الى الحي من سيارات نظافة وعمال لم يكن يكفي ربع الحي. أما بعد مشاركت اهالي الحي في الثورة فقد زاد الامر سوء حتى تحولت الشوارع الى مجمعات قمامة ضخمة.

ويضيف خالد لـ "مضمون جديد": اجتمع مثقفو الحي وتدراسوا المشكلة خاصة مع قدوم الشتاء، فالرطوبة والقمامة تشكلان بؤرة لنمو الجراثيم وسيكون الامر خطيراً جداً، وتوصلوا الى ضرورة تنفيذ حملة تطوعية لتنظيف الحي.

وفعلا اشترك بالحملة الكثير من الشباب ونجحوا نسبياً إلا أن القمامة سرعان ما عادت وتراكمت في الشوارع. فالامر يحتاج الى عمل يومي متواصل ومؤسسي ودائم وليس حملة واحدة فقط.

لكن في الريف الحلبي يختلف الأمر قليلاً، فتأثيرات إغلاق الدوائر الخدمية من قبل النظام تبدو أقل وطأة، وعن ذلك يقول هيثم محمد - وهو شاب من بلدة حريتان شمال حلب لـ "مضمون جديد": "النظام اغلق الدوائر الحكومية وسحب الموظفين، إلا أننا لم نتأثر كما تأثر أهل المدينة فعمال المياه وعمال الهاتف وعمال الكهرباء كلهم أو معظمهم من مدينة عندان.

ويضيف كل هؤلاء الموظفين فضلوا خدمة إخوتهم وأهلهم بدل خدمة النظام فبقوا هنا يتابعون كل الأمور، اضافة الى وجود بعض المصادر الحيوية بالاساس لدينا فمثلاً مصادر المياه هي الآبار التي حفرت من قبل الدولة لتغذي المنطقة، وقد بدأ الاهالي بإدارة هذه الآبار وشبكات المياه حتى نوصل المياه إلى كل المواطنين ونجحنا في ذلك نسبيا.

أما عن الكهرباء، فتصل رغم أنها تنقطع كثيراً وسبب ذلك أننا نجاور مدينتين صغيرتين مؤيدتين للنظام وخطوط الكهرباء التي تغذي هاتين المدينتين تمر من هنا، وبالتالي لا بد من أن يصل التيار إلينا في حال رغب النظام بإيصاله إليهم.

ويضيف محمد، أما بالنسبة للمركز الصحي فقد بدأ أطباء وممرضي حريتان بالعمل فيه فورا واستقبال الحالات المرضية والحالات الإسعافية رغم أن الإمكانات قليلة نوعاً ما إلا أن الوضع أفضل من مناطق أخرى شلت فيها حركة هذه الدوائر الخدمية .. لذا كما قلت لكم الريف أفضل حالاً .

أضف تعليقك