حلب: الاصابة الطفيفة لا تعني انك نجوت

حلب - مجد نبهان - مضمون جديد

وصل مضمون جديد النداء التالي من أحد المشافي الميدانية في حلب البارحة: "نناشد کل طبيب صاحب ضمير حي إلی أداء الواجب والبر بالقسم بالالتحاق بتلك المشافي لإنقاذ العدد الهائل من الإصابات التي ترد يوميا لنا".
"
ايها الاطباء إن العديد من الجرحی يتوفون نتيجة نقص العناية وعدم توفر الكادر الذي يقدم لهم العلاج المناسب حيث تعاني تلك المشافي الميدانية من وضع کارثي ونقص حاد في الاختصاصات خاصة أطباء الجراحة وأطباء وفنيي الأشعه والتخدير .. لا تتردد فالواجب يناديك للانضمام.. أرجو النشر من الجميع علی أوسع نطاق ممکن".

كان هذا النداء سببا في توجه "مضمون جديد" إلى أحد المشافي الميدانية في أحد الاحياء في المدينة المنكوبة تلك.

هناك لن تجد الكلمات طريقها لشرح ما يجري. بل لن تجد الصورة ذلك. كان الوضع مزرياً والمكان مزدحم بالعويل والصراخ.. الجرحى والمصابين في كل مكان والدماء اختلطت بالطين ولطخت الجدران والارض..
لا شيء يشعرك بان هذا مستشفى، هو اقرب الى المسلخ، او مسرح جريمة منه الى قاعة طبية.
الدكتور محمد عجاج يعمل هنا. يقول لــ مضمون جديد: تتعرض مدينة حلب لقصف عنيف على مدار الساعة ويسقط كل يوم عشرات الشهداء ومئات المصابين جراء ذلك والمشافي الحكومية متوقفة عن العمل بسبب الظروف الأمنية وما يعمل منها يعمل لصالح النظام.

أما المشافي الميدانية الموجودون فانتم في واحد منها الآن وهي مدرجة في بنك المواقع المستهدفة.

يقول الطبيب عجاج: تتعرض المشافي الميدانية الى ضغط شديد في مختلف الجوانب، فهي تعاني من نقص كبير في الكادر الطبي لعوامل متعددة وأهمها عدم توفر أية أجور للاطباء الذين يعملون هنا أو للمرضين والفنيين بسبب صعوبة التواصل مع الاطباء في المناطق الاخرى هذا بالنسبة للداخل كما نجد صعوبة بالغة في التواصل مع الخارج أي مع الجهات الداعمة لإيصال الصورة لهم علهم يقدمون لنا بعض العون والمساعدة، إضافة إلى أنها قد تكون أهدافاً لصواريخ ومدفعية النظام".

واضاف المشكلة أن عدد الحالات التي تردنا تتزايد كل يوم، مشيرا الى ان الرعب هنا في تراكم الإصابات الواردة إلينا ما يجعل الوضع ماساوياً.

وزاد، أحيانا يصلنا مصاب إصابته بالنسبة لغيره تعتبر طفيفة كالكسور والجروح في الأطراف وبسبب عدم الاسراع في علاجه ينزف حتى الموت".

كما يشير د. عجاجا الى موضوع توفر الادوية فيقول: نواجه صعوبات متعددة في الحصول على الادوية التي تأتينا من الخارج ومن تركية بالتحديد حيث يقوم بشرائها بعض الممولين ويرسلونها إلينا وقد نخسرها كلها ونخسر من يقوم بنقلها لو حدث ان ضبطها حاجز من حواجز النظام وهذه يحدث كثيراً.

ويضيف، هذا مال يتعلق بادوية إيقاف النزف والضمادات وغيرها من الامور الإسعافية، أما بالنسبة للأدوية التي تخص أمراضاً مزمنة كالسرطانات وأدوية القلب والسكري وضغط الدم وغيرها فهي معدومة أو تكاد، مشيرا الى وفاة الكثير من المرضى نتيجة عدم تناول الدواء الضروري ولفترات طويلة.

في مشافي حلب الميدانية هناك الكثير من المآسي والإصابات المؤلمة من بتر لأحد الأعضاء إلى جروح كبيرة تتعرض لحالات التهابية خطيرة لعدم توفر الصادات الحيوية.
وبالنسبة الى الاطباء والممرضين فان أقسى ما يمكن أن يشاهدونه طفل مصاب يصرخ في ركن بالمستشفى من دون ان تستطيع ان تفعل له شيئا.

ويقول الممرض عبد المجيد أحمد: لدينا نقص في الاجهزة والمعدات الطبية مما يؤدي لبطء عملنا وقلة فرص إنقاذ الجرحى والمصابين فمن أجهزة التنفس الاصطناعي إلى أجهزة التعقيم وغيرها ولا تتوفر لدينا حتى الآن وفي كل المشافي الميدانية في حلب غرفة عمليات بالمواصفات الحقيقية لغرفة العمليات,نجري العديد من العمليات في جو غير معقم وبأدوات بسيطة وغير كافية مما يؤدي أحياناً إلى تلوث الجرح وتفاقم المشكلة.

هنا، في حلب، يموت العشرات كل يوم بسبب عدم توفر الإمكانات اللازمة لعلاجهم، علماً أن معظم الحالات الحرجة يتم إرسال أصحابها إلى تركية حتى يعالج من يحظى بفرصة الوصول قبل موته سواء بسبب جرحه أو بسبب قذيفة من طائرة أو مدفع في الطريق.

أحمد أبو الوفا - سائق سيارة إسعاف تشبه كل شيء ما عدا سيارات الإسعاف إلا أنها أفضل من لا شيء.

سيارة اسعاف ابو الوفا، غير مجهزة بشيء، سوى انه قرر ان يحول مركبته الى سيارة اسعاف. يقول أحمد لـ "مضمون جديد": في كثير من الأحيان نتأخر في نقل المصاب وأحياناً لا يتم نقله بسبب عدم توفر الوقود لهذه السيارة المتواضعة فالحصول على مادة الديزل أمر صعب جدا في ظل فقدانها من محطات الوقود والأسواق.

ويضيف هذه المادة هي الوقود الأساسي لدبابات النظام التي تستهلك يومياً كمية هائلة من الديزل، وما نحصل عليه هو ما يأتي به مهربون من الدول المجاورة بأسعار عالية جداً، مشيرا الى ان مستشفيات حلب الميدانية وزعت على انفسها سيارات الاسعاف فحصل كل مشفى منها اليوم على واحدة بينما استخدم المواطنون سياراتهم كسيارات أو شاحناتهم المعدة لنقل البضائع الى سيارات اسعاف.

المتطوعة سامية عبد الوهاب ممرضة تعمل في المشفى الميداني الذي زرناه تقول لـ "مضمون جديد": هناك الكثير من المتطوعين المختصين وغير المختصين الذين يأتون إلى هنا ليساهموا في إنقاذ المصابين.

وتضيف قمت وزملائي بحملات لجمع أكبر عدد ممكن من المتطوعين اضافة للاطباء والممرضين واخصائيي التخدير نحن بحاجة لعمال للنظافة والتعقيم والخدمات الاخرى وتأمين الطعام للكوادر العاملة.

واشارت الى نجحها وزملائها في جلب عدد جيد من المتطوعين، إلا أنه ليس كافياً، منوهة الى ان سبب عدم الاقبال الكبير على العمل هو خطورة الوضع هنا.

وقالت قد يتعرض المشفى للقصف إضافة إلى أن من يصل اسمه إلى حواجز ودوريات النظام أنه يقوم بالعمل معنا يصبح اسمه إرهابياً وعلى قائمة المطلوبين وقد يتعرض للاعتقال أو القتل.

وختمت بالقول: "نحن هنا بحاجة إلى تدخل من المنظمات الطبية العالمية لإرغام النظام على عدم التعرض للمتطوعين الطبيين فهذا عمل إنساني ليس له دخل بسياسة او عسكرة هو عمل خالص لوجه الله تعالى ولا يضر أياً من الجهات".

أضف تعليقك